دخلت الشراكة بين دولة الإمارات وسلطنة عمان مرحلة جديدة بإبرام حزمة من الاتفاقيات شملت التكنولوجيا والتجارة والصناعة والطاقة والنقل والتي تؤكد على حرص البلدين على تسريع وتيرة التكامل الشامل بما يخدم خططهما المستقبلية على نحو مستدام.
أبوظبي – شكلت اتفاقيات الشراكة، التي وقعتها الإمارات وسلطنة عمان الثلاثاء ترجمة لالتزام البلدين بتمتين العلاقات الشاملة كونها خطوة مهمة نحو تعزيز التعاون الاقتصادي الذي يهدف إلى دفع التنمية من خلال الاستثمارات الإستراتيجية.
وتطرح مسألة التكامل الاقتصادي الشامل نفسها بقوة على طاولة تعزيز العلاقات بين الجارين وخاصة في ما يتعلق بتنمية الاستثمارات في كافة المجالات، والتي باتت محور طموحاتهما إلى جانب التجارة البينية، حيث سيتيح لهما تعزيز معدلات النمو بشكل أكبر.
وانعقد منتدى الأعمال الإماراتي – العماني المشترك بحضور الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، العضو المنتدب لجهاز أبوظبي للاستثمار، لتبادل اتفاقيات بقيمة إجمالية تقدر بنحو 35.12 مليار دولار.
ووقع الجانبان في المنتدى على ست اتفاقيات ومذكرات التفاهم في مجالات التكنولوجيا والطاقة المتجددة والاستثمار والصناعة والسكك الحديدية على هامش زيارة سلطان عمان هيثم بن طارق لدولة الإمارات.
وقال وزير الاستثمار الإماراتي محمد السويدي إن “الاتفاقيات تمثل خطوة مهمة من شأنها أن تمهد الطريق للمزيد من التطور عبر تسخير جهودنا معا لتحقيق رؤيتنا المشتركة للنمو الاقتصادي والازدهار لكلا البلدين”.
وتتعلق أبرز الاتفاقيات بـ”مشروع ضخم” للصناعة والطاقة بقيمة 31.86 مليار دولار يتضمن مشاريع للطاقة المتجددة وإنتاج الطاقة من الرياح والطاقة الشمسية بالإضافة إلى مصانع المعادن الخضراء.
ووفقا لبيان وزارة الاستثمار، فإن الشركات الموقعة هي شركة أبوظبي الوطنية للطاقة (طاقة) وشركة أبوظبي لطاقة المستقبل (مصدر) وشركة الإمارات العالمية للألمنيوم وشركة حديد الإمارات أركان وشركة أوكيو للطاقة البديلة والشركة العمانية لنقل الكهرباء.
ويعد الاتفاق على تنمية الاستثمار التكنولوجي بين البلدين علامة فارقة في دعم الشراكات الاقتصادية كون التقنيات الحديثة محفز مهم على تأسيس قاعدة من المشاريع ذات القيمة المضافة لمواكبة التحول العالمي.
ولذلك، أطلقت الشركة القابضة (أي.دي.كيو)، أحد صناديق الثروة السيادية التابع لحكومة أبوظبي مع جهاز الاستثمار العماني ممثلا بمجموعة إذكاء خلال المنتدى صندوق “جسور” الذي يركز على التكنولوجيا بقيمة 180 مليون دولار.
ويركز الصندوق على الاستثمار في قطاع التقنيات الحديثة والناشئة، وذلك بموجب التزام مسبق في إطار مذكرة تفاهم تم توقيعها بين الطرفين في عام 2022.
ويأتي تأسيس جسور انطلاقا من العلاقات الثنائية المتينة بين البلدين، ويهدف إلى تعزيز الاقتصاد الرقمي من خلال الاستثمار في شركات التكنولوجيا المبتكرة بسلطنة عُمان، إلى جانب شركات التكنولوجيا الناشئة في دول المنطقة الأخرى.
كما سيتم التركيز على شركات التكنولوجيا ذات النمو المرتفع بقطاعات التكنولوجيا المالية والتعليم والرعاية الصحية والتكنولوجيا النظيفة وقطاع الأغذية والزراعة والخدمات اللوجستية، خصوصا التي تمتلك نماذج أعمال ناجحة، في مختلف مراحل تأسيسها.
وقال محمد السويدي، العضو المنتدب والرئيس التنفيذي لشركة أي.دي.كيو إن “الصندوق خطوة مهمة تعكس التزامنا بتنفيذ استثمارات نوعية تسهم في توفير آفاق جديدة عبر مختلف القطاعات الرئيسية في الاقتصاد”.
وأضاف “نتطلع إلى ترسيخ التعاون مع جهاز الاستثمار العُماني لتعزيز الأنشطة التجارية وفرص الاستثمار والنمو الاقتصادي في البلدين”.
من جانبه، قال عبدالسلام المرشدي رئيس جهاز الاستثمار العُماني “يجسّد إطلاق صندوق جَسور نقلة نوعية في قطاع التكنولوجيا بسلطنة عُمان”.
وأضاف “من خلال هذه الشراكة الإستراتيجية مع القابضة نمضي نحو مرحلة جديدة من الابتكار والنمو، وسيكون لها أثر مهم في دعم مساعي البلدين لبناء مستقبل واعد أساسه الاستفادة من التحول الرقمي والتقدم التكنولوجي”.
وبالنسبة لمجال النقل، وقّع البلدان اتفاقية ترسية مقاولي مشروع ربط سكك الحديد بينهما بقيمة ثلاثة مليارات دولار وشراكة مساهمة بين شركة الاتحاد للقطارات ومبادلة وشركة مجموعة أسياد العمانية وتبلغ القيمة الإجمالية المقدرة للاستثمار 820 مليون دولار.
وتشمل الاتفاقيات كذلك تشكيل تحالف إماراتي – عماني لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية.
ويرى محللون إن الإمارات تعمل على اقتفاء أثر السعودية، التي طورت علاقاتها الاقتصادية مع عُمان خلال السنوات الثلاث الأخيرة في أعقاب زيارة السلطان هيثم صيف 2021 إلى مدينة نيوم.
ومع ذلك يعتقد البعض أن الظروف الإقليمية والعالمية المتغيرة تعتبر أحد الدوافع الرئيسية للبلدين من أجل دعم شراكاتهما وتوظيفها في خطط التنمية، خاصة وأن ثمة تعاونا قديما بينهما في الكثير من المجالات.
في المقابل، لدى المسؤولين العمانيين قناعة بأن بلدهم سيكون من أهم الشركاء الاقتصاديين للإمارات إلى جانب السعودية في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي فإنهم يرون أنه لا بد من العمل بأقصى الطاقات لرفع معدلات الاستثمار وزيادة حجم التجارة بين البلدين.
اتفاقيات الشراكة
• إطلاق أي.دي.كيو وجهاز الاستثمار العماني صندوق جسور للتكنولوجيا
• تنفيذ مشاريع مشتركة في مجالات الحديد والألمنيوم الأخضر والطاقة البديلة
• تعزيز التعاون بين وزارة الاستثمار الإماراتية ونظيرتها في السلطنة
• ترسية العقود الرئيسية لشبكة سكك الحديد بين البلدين
• شراكة بين شركتي الاتحاد للقطارات ومبادلة الإماراتية ومجموعة أسياد العمانية
• تشكيل تحالف لتعزيز العلاقات الاقتصادية والتجارية الثنائية
وتطلع مسقط إلى الاستفادة من الطفرة الاقتصادية للإمارات لدعم برنامج “استثمر في عُمان” عبر تقديم تسهيلات لرجال الأعمال والمستثمرين لاستغلال أهم الفرص المتاحة بالمناطق الاقتصادية والمناطق الحرة والمدن الصناعية والقطاعات الاقتصادية المختلفة.
ووفق وزير التجارة والصناعة وترويج الاستثمار العماني قيس اليوسف في تصريح لوكالة الأنباء العمانية الرسمية، يبلغ عدد الشركات المسجلة في البلاد والتي بها إسهام إماراتي بنهاية العام الماضي 1308 شركات. وبلغت قيمة الإسهام الإماراتي من مجموع رأس المال المستثمر في البلاد حسب السجلات التجارية حوالي 707.4 مليون دولار.
وأكد اليوسف أن نحو 112 شركة بها نسبة إسهام إماراتي تنشط في المدن الصناعية بسلطنة عُمان، من بينها 37 شركة يتجاوز حجم رأس المال المستثمر بها 2.6 مليون دولار.
وعلى الجانب الأوسع من العلاقات الاقتصادية بين البلدين، تسعى كل من الإمارات والسلطنة إلى توسيع الشراكات بين القطاعين العام والخاص من أجل تحقيق أهداف خطط التنمية، وأيضا زيادة زخم المبادلات التجارية.
وقال المرشدي إن “النمو المستمر في حجم التبادل التجاري والاستثماري بين البلدين خلال السنوات الماضية يعكس عمق ومتانة الشراكة الاقتصادية القائمة بينهما وآفاقها الواعدة”.
وتشير البيانات الرسمية إلى أن الإمارات تشكل نحو 14 في المئة من تجارة سلطنة عمان وقد بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين بنهاية العام الماضي نحو 14 مليار دولار.
ووفق مركز الاتحادي للتنافسية والإحصاء الإماراتي، فقد نمت المبادلات التجارية بين البلدين بنحو 70.1 في المئة منذ العام 2014 وإلى غاية عام 2023 بحجم 111 مليار دولار.
العرب