ما هو المشترك بين كوبا وإيران؟
كلاهما دول استبدادية يحكمها طغاة في عمر الشيخوخة. وكلاهما تدعيان الأيديولوجيات الثورية. وكلاهما لديهما علاقات مع الولايات المتحدة يقودها نصف قرن من الدم الفاسد. ولدى كلاهما أسرى أو رهائن من المواطنين الأمريكيين. وفي كل منهما سكان شباب حريصون على التغيير. وكلاهما تحت عقوبات الولايات المتحدة. وكلاهما تحملان تعقيدات سياسية كبيرة للولايات المتحدة.
وهناك شيء واحد آخر مشترك بين الدولتين، وهو أنهما محط اهتمام رئيس الولايات المتحدة الذي يبدو مصممًا على ترك إرث له يشمل تغيير مسار بعض أكثر العلاقات الشائكة في التاريخ الأمريكي.
وفي حين أن الاختلافات بين كوبا وإيران وفيرة أيضًا، إلا أنه يجب أخذ مبادرة أوباما تجاه كوبا كعلامة واضحة على الهدف الذي يسعى إليه الرئيس فيما يخص إيران في الأشهر المقبلة.
وهنا ما يربط حالات كوبا وإيران معًا، على الأقل في ذهن الرئيس الأمريكي الذي يأمل بالوصول لاتفاق مع إيران العام المقبل:
الإرث
الوقت يمر بسرعة بالنسبة لفترة أوباما الرئاسية. ومع تشابك القضايا الداخلية، وصعود الجمهوريين لتولي السيطرة على مجلسي النواب والشيوخ، بات يتوجب على هذا الرئيس العمل، وليس الجلوس.
وبالإضافة إلى مبادرة التعامل مع التغير المناخي مع الصين، والإجراءات التنفيذية بشأن الهجرة، الواقع يقول إن السياسة الخارجية هي تقليديًا ملجأ للرئاسة عندما تكون الأمور في الوطن معقدة جدًا. فلماذا إذًا لا يتحرك الرئيس باتجاه إيران كما فعل مع كوبا، إذا كانت الجائزة من فعل هذا حتى أكبر بالنسبة له؟
وكما أشرت من قبل، من المحتمل أن كلًا من الرئيس، ووزير الخارجية جون كيري، يريان فرصة خارجية إضافية في القضية الإسرائيلية الفلسطينية، وخاصةً إذا ما انتهت الانتخابات الإسرائيلية لمارس 2015 بالطريقة التي تنتج حكومة مستعدة وقادرة على اتخاذ القرارات بشأن عملية السلام.
السرية
لقد تم عقد المباحثات مع كوبا لمدة ثمانية عشر شهرًا سرًا، وبمساعدة على ما يبدو من الكنديين، وحتى بابا الفاتيكان. ولمَ لا؟ من الممكن الحصول على أشياء خطيرة من خلال العمل على تحقيقها بعيدًا عن الرأي العام إذا كان التوقيت صحيحًا.
ومن الممكن أن نتوقع حدوث الأمر نفسه مع طهران. خطة العمل المشتركة لم تأت نتيجة المحادثات الصاخبة لمجموعة دول P-5 + 1، ولكن نتيجة المحادثات الدبلوماسية الهادئة. وإذا كان هناك من فرصة لعقد صفقة مع الملالي، فسوف تحدث هذه الصفقة بنفس الطريقة.
التغيير من الأسفل
الرئيس الأمريكي يحب بكل تأكيد أن يرى سقوط كاسترو والنظام الكوبي، وكذلك الملالي في طهران. ولكنه يعرف مدى صعوبة أن يتم التخلص من الملالي من خلال الضغط الخارجي. وكما كشفت الثورة الخضراء في إيران في يونيو 2009، حتى الضغط من الداخل لم يستطع أن يفعل ذلك.
أما فيما يخص كوبا، فالوضع مختلف. أوباما يعلم أن التحول والتغير السريع غير ممكن، وهو يفترض أن الانفتاح الاقتصادي والثقافي للبلاد سوف يخلق مع مرور الوقت ضغوطًا من أجل التغيير من الداخل. حيث إن الشعب الكوبي سوف يحصل على الفرصة للتعرف أكثر على طعم الحياة في العالم الخارجي، ومن ثم سيكون على استعداد للمطالبة بمزيد من الحريات وتوقع المزيد من قادته.
ولكني لست متأكدًا على الإطلاق مما إذا كان هذا المنطق ناجحًا فعلًا؛ حيث إنه، ورغم انفتاح الولايات المتحدة على الصين وفيتنام، لا تزال هاتان الدولتان تخضعان لرقابة مشددة. ولكن، لا يزال هذا النهج هو نهج أوباما الرئيس، ولا بد أنه سيطبقه على إيران أيضًا.
خلق حقائق
لا يستطيع الرئيس أن يلغي الحظر. ولكن يمكنه، وقد استخدم سلطاته التنفيذية بالفعل، لفتح باب كبير جدًا مع كوبا. وقد يحاول بعض الأعضاء الأقوياء في الكونغرس إغلاق هذا الباب. ولكن أوباما قام بتحركات من الصعب عكس اتجاهها في هذا الشأن.
ومع ذلك، سوف تكون القضية النووية الإيرانية أصعب بكثير بالنسبة للإدارة الأمريكية؛ حيث إن أي انفراج حقيقي سوف يتطلب اتفاقًا شاملًا حول قضايا معقدة، وتنازلات كبيرة يجب أن يقدمها كل من الجانبين.
وعلى عكس العلاقة الثنائية بين الولايات المتحدة وكوبا، هناك تعقيدات أخرى بخصوص عقد اتفاق مع طهران، بما في ذلك موقف الإسرائيليين والسلوك الإيراني المقلق تجاه مجموعة متنوعة من القضايا الإقليمية. ولكن، ورغم كل هذا، سيبقى هدف أوباما هو خلق حقيقة أمر واقع، ووضع مسؤولية عرقلة الأمور على عاتق الكونغرس.
آرون ديفيد ميلر – فورين بوليسي (التقرير)
http://goo.gl/SwZkuP