مساجد العراق مآوي الفارين من الحرب

مساجد العراق مآوي الفارين من الحرب

441

ما إن اندلعت شرارة الحرب بين الجيش العراقي وتنظيم الدولة الإسلامية في الفلوجة والرمادي (في محافظة الأنبار غربي البلاد) مطلع عام 2014، حتى بدأت موجات نزوح مئات الآلاف من المدنيين. ومع اتساع دائرة المعارك نزح آخرون من الموصل وسامراءوتكريت وديالى وبابل ومناطق أخرى، مما أدى إلى اكتظاظ العاصمة بغداد ومدن أخرى بهم.

ودفعت موجات النزوح إلى ارتفاع جنوني في إيجارات المنازل، رافقه عجز حكومي عن توفير مأوى للمهجرين، فكان أن فتحت عشرات المساجد أبوابها لاستقبالهم، وعمد القائمون على بعض هذه المساجد إلى تعطيل الصلاة فيها من أجل تخصيصها لسكنى العوائل وإقامتها، كما قامت بعض الكنائس أيضا في بغداد وأربيل (شمال العراق) باحتضان نازحي سهل نينوى المسيحيين وتوفير المأوى لهم.

ووفقا للناطق باسم وزارة الهجرة والمهجرين ستار نوروز، فإن عدد النازحين في العراق اليوم يتجاوز 3.3 ملايين نسمة، بدأ بعضهم العودة إلى مناطقهم بعد سيطرة الجيش في محافظتي صلاح الدين والأنبار.

وأوضح نوروز للجزيرة نت أن الوزارة قدمت دعما مباشرا للعوائل المقيمة في المساجد، تمثل ذلك بمساعدة مالية ومواد غذائية وعينية، وقامت بنقل الكثيرين منهم إلى مراكز إيواء تابعة للوزارة، لكن استمرار تدفق النازحين حال دون تمكن الوزارة من المحافظة على وتيرة هذه المساعدات فعمدت للتنسيق مع القائمين على المساجد لتوفير متطلبات من سكنوا فيها.

تعويض
ومع تفاقم أزمة معبر بزيبز (مدخل بغداد من الأنبار)، أطلقت فعاليات دينية وسياسية دعواتها لاستقبال النازحين وفتح أبواب المساجد لهم، كما قال مصطفى البياتي مسؤول الإعلام والعلاقات العامة في المجمع الفقهي العراقي.

وأضاف البياتي أن المجمع الفقهي قام بتشكيل لجان إغاثة عاجلة في بغداد وكركوك وعامرية الفلوجة وسامراء وأربيل والسليمانية، وبدؤوا توزيع المعونات على المساجد والمخيمات، وشملت المعونات مبالغ مالية ومواد غذائية ومنظفات وملابس وأغطية وفرشا.

ورغم أنهم فقدوا منازلهم ومصادر رزقهم، فإن كثيرا من النازحين الذين يقيمون في المساجد وجدوا شيئا من التعويض عما خسروه، كما أفاد أبو سعد الفهداوي الذي يسكن وأسرته في مسجد الشيخ معروف في منطقة الكرخ ببغداد بعد قدومهم من الرمادي، مؤكدا أن إدارة المسجد توفر لهم متطلباتهم الضرورية وتسعى لتوفير أعمال لهم بالتعاون مع أهالي المنطقة الذين يبدون تعاطفا كبيرا معهم.

أما النازحة فخرية التي تقيم في أحد مساجد الأعظمية في بغداد مع أبنائها الخمسة، فتعاني من مرض خبيث أفقدها بصرها، وتأتي لوازم عيشهم مما تنفقه عليهم إدارة المسجد.

منظمات مدنية
ويسعى القائمون على هذه المساجد إلى توفير متطلبات النازحين بالتعاون مع الأهالي ومنظمات إغاثية محلية، وتعمد بعض الحملات التطوعية إلى جمع التبرعات المالية والعينية في الجامعات والمجمعات التجارية وأماكن أخرى، من أجل شراء المستلزمات الضرورية لهذه العائلات.

وأثبتت هذه التجربة نجاعتها كما يقول الناشط محمد سمير العبيدي في توفير أساسيات الحياة الكريمة لهم، وسد الفراغ الذي أحدثه ضعف الدور الحكومي. ويضيف العبيدي -الذي يرأس “تطوعية شباب الأعظمية”- أنه بالإضافة إلى توفير الغذاء والملابس والوقود، تقوم الكثير من هذه المنظمات بإقامة بعض الدورات التأهيلية للشباب، كما تسهم في تطويعهم ليتعاونوا مع سكان المناطق التي استقبلتهم في المحافظة على النظافة العامة والقيام ببعض الأدوار الاجتماعية فيها.

وقد قامت الحملة التي يرأسها العبيدي بعمل مشروع للطعام جوار جامع بشر الحافي في الأعظمية، تمثل في مطبخ يقوم بتوزيع وجبات فطور يومية على النازحين، بالإضافة إلى وجبتي غداء مرتين أسبوعيا، وهو ما يسهم في دفع غائلة الجوع والعوز عنهم.

مروان الجبوري

الجزيرة نت