شكل المعدن الأصفر هاجساً قوياً للبشرية منذ العصور القديمة، لما يتمتع به من ميزاتٍ ؛ اذ يصفه بعضهم، (بالمعدن الأبدي) كون بريقه وتكوينه يصمد بوجه الزمن، ومتغيرات الطبيعة ولا يتغير، فلا الأكسدة تنال منه ولا حتى الأحماض المركزة، عدا “الماء الملكي”، الذي هو خليط بين حمض النتريك وحمض كلور الماء، وسماه الكيميائيون بهذا الاسم، بسبب قدرته على إذابة المعادن الثمينة كالذهب والبلاتين. وهذه الصفات المميزة للذهب جعلت منه مادة قيّمة جداً منذ بداية الحضارة، فصُنعت منه تيجان الملوك وحلّي النساء وتماثيل الآلهة الوثنية كونه رمزاً للاستمرارية والأبدية والخلود.
وتم استخدم الذهب كنظام مالي يستخدم قاعدة لتحديد قيمة العملة, ويقوم البلد الذي يتبنى هذا النظام بتحويل أي عملة لديه إلى ذهب بعدما يوافق على اعتماد أسعار ثابتة لبيع الذهب وشرائه.
وكانت المملكة المتحدة أول بلد يتبنى قاعدة غطاء الذهب وذلك في عام 1821م ثم تبعتها بعد ذلك كثير من الدول الغربية, ومنذ عام 1930م تناقص دور الذهب في أنظمة النقد العالمية, واختفى تأثيره في أواخر سبعينيات القرن العشرين، ومن فوائد نظام غطاء الذهب أنه يكبح التضخم.
قانون كريشام (Greshams Law)…
هو قانون علمي اقتصادي مشهور كان له دوره في النظم النقدية القديمة، وعرف باسم وضعه مستشار ملكة إنكلترا السير توماس كريشام. ويتلخص هذا القانون في العبارة الشهيرة:” النقود الرديئة تطرد الجيدة من السوق، وذلك لأنه في البلاد التي يجري فيها تداول نوعين من النقود القانونية أحدهما رديء والآخر جيد فإن الرديء يطرد الجيد من التداول بين الناس.
وقد لاحظ كريشام هذه الظاهرة في بلاده إنكلترا حيث كلما ضربت نقود جديدة لتحل محل نقود قديمة ، فإن النقود الجديدة لا تلبث أن تختفي من التداول، ويعود السبب في ذلك الى إنه طالما كانت للنوعين من النقود القوة الشرائية ذاتها فانها تجعل الشخص مخيرا بأن يؤدي ما عليه من ديون أو تسديدات نقدية بالعملة الرديئة أو الجديدة فإنه يعمل على تسديدها بالعملة الرديئة محتفظا بالعملة الجديدة عنده بعيدا عن التداول في السوق، ولا يستعمل في مدفوعاته سوى العملة الرديئة، وللسبب ذاته يكون الدائن ملزما بقبولها، ولو رفض الدائنون ذلك وطلبوا العملة الجديدة لعمل القانون بشكل عكسي، بحيث تصبح العملة الجديدة هي التي تطرد العملة الرديئة، وتستخدم النقود الجيدة عادة ؛ لتسوية الديون الخارجية، والاكتناز والادخار، والأغراض الصناعية، والتحويل إلى سبائك.
ومن الحالات التي يطبق عليها هذا القانون:
• إذا حلت النقود الجديدة محل القديمة ، فإن النقود القديمة تبدأ في الاختفاء من التداول في السوق، ولا تبقى فيه سوى النقود الجديدة، وحدثت مثل هذه الظواهر في القرون الوسطى عندما كان الحكام يسكون النقود بأوزان مختلفة أقل من اوزانها القديمة كلما اضطربت الأحوال الاقتصادية في بلادهم.
• إذا وجدت في التداول نقود ورقية رخيصة إلى جانب النقود المعدنية فإن الأولى تطرد الثانية من التداول في السوق، وشاعت هذه الظاهرة خلال الحرب العالمية الأولى عندما كانت تختفي النقود الذهبية كلما طرح اصدار نقدي من الورق الرخيص.
وتجدر الملاحظة انه طالما امكن صرف النقود الورقية بالنقود المعدنية الرئيسة فإن قيمة النقدين تبقى واحدة، إذ لا يكون هناك في الواقع سوى نقود واحدة هي المعدنية، وكل ما في الأمر انها تتداول أحيانا كعملة معدنية وأحيانا كعملة ورقية، فإذا ما تقرر عدم قابلية صرف النقود الورقية بالمعدنية فإن النقود الورقية لا تلبث أن تصبح رديئة وتختفي امام النقود المعدنية التي هي نقود جيدة.
• إذا توافرت حرية ضرب النقود في كل من معدني الذهب والفضة على أساس نسبة قانونية معينة، ثم أصبحت هذه النسبة لا تتفق مع أسعار السوق التجارية، فإن مسكوكات المعدن الذي هبطت قيمته في السوق لا تلبث أن تطرد مسكوكات المعدن الآخر، وقد شاعت هذه الظاهرة في البلدان التي كانت تتبع نظام المعدنين.
العوامل التي تؤثر في ارتفاع أسعار الذهب
كانت قيم الذهب المعيارية في ظل النظام النقدي القديم تساوى قيمتها الورقية المحددة من قيمة الذهب حيث كان يمكن للأفراد استبدال العملة الورقية باخرى ذهبية . وقد انتهى ذلك العصر في 15 أغسطس عام 1971 عندما أعطيت للحكومات الحرية لطباعة الكثير من المال ورقة وفق ما يرونه مناسبا.
واليوم يتم تعيين سعر الذهب من قبل بورصة الذهب ويتم باجتماع خمسة اعضاء مرتين يوميا في لندن ليتم تحديد قيمة سعر الذهب .
ويمكن للناس الاستثمار في الذهب مباشرة من خلال امتلاك سبائك الذهب أو غيرها مباشرة، مثل شهادات الاستثمار أو الاسهم. وكما هي الحال مع معظم الأشكال أخرى، من الاستثمارات فانة الذهب يتأثر بسوق العرض والطلب فعند زيادة المعروض وقلة الطلب تنخفض اسعار الذهب وبالعكس عند قلة المعروض وزياد الطلب على الذهب تدفع اسعار الذهب للارتفاع، ولحسن الحظ ان الذهب المستخرج منذ الاف السنين ما زال موجودا حتى اليوم .
وفي أوقات الأزمات الوطنية مثل الحرب أو الكوارث فإن سعر الذهب يميل إلى زيادة كبيرة؛ اذ يبدأ الناس بالخوف من ان عملتهم الورقة قد لا يكون لها قيمة وبالتالي يلجؤون الى الذهب حيث يرون الذهب أصلا ثابتا يمكن دائما أن يستخدم لشراء الغذاء والضروريات الأخرى.
وثمة عامل آخر مشترك في التأثير على ارتفاع أسعار الذهب وهو نجاح سوق العقارات، اذ عندما تكون هناك عوائد منخفضة أو سلبية على القطاع العقاري فإن الطلب على الذهب والسلع الأخرى عادة يتوقع أن تزداد.
وأخيرا فشلت البنوك خلال فترات الازمات في إدارة الاصول الاستثمارية مثلما حدث خلال فترة الكساد الكبير عندما ارتفعت أسعار الذهب نتيجة لفشل البنوك في عهد الرئيس روزفلت إلى فرض حظر على عقود الذهب من قبل المواطنين العاديين.
ومن المعلوم ان الاستثمار في الذهب هو احد وسائل التحوط والملاذ الامن في اوقات الخطر، للمحافظة على الثروة ضد ضعف العملات الورقية وفي اوقات الاضطرابات السياسية والاقتصادية واضطرابات اسواق الصرف اضافة الى العلاقة العكسية بين اسعار الفائدة على الودائع وسعر الذهب، اذ انخفض سعر الفائدة الى مستويات صفر بالمائة في العديد من دول العالم خلال هذه الفترة نتيجة سياسية نقدية توسعية للتعامل مع الإفرازات السلبية للازمة مما اسهم بارتفاع حجم الطلب على الذهب.
واصبح سعر الذهب مؤشر الى الثقة بالدولار باعتبار ان سعره يسير على خط معاكس للدولار حيث انه كلما ارتفع سعر الذهب فان ذلك مؤشر الى تراجع الثقة بالدولار وارتفاع مستوى المخاطر في الاستثمار في الاصول المالية التقليدية وفي سندات الدين السيادية شجع ايضا الاقبال على الذهب ، وسعر الذهب ارتفع بحوالي اربعة اضعاف ونصف خلال عشر سنوات منذ عام 2001 .
والارتفاع مستمر بالنسبة للذهب اذ وصل الى 28% وسوق الذهب التصاعدية والمستمرة منذ عدة سنوات اسهمت باتساع قاعدة المستثمرين والمضاربين في ظل التأثيرات السلبية للازمة المالية العالمية بحيث اصبح الذهب احد الاصول الاستثمارية الذي ادى الى تجاوز مشتريات المستثمرين من الذهب على مستوى العالم مشتريات تجار المجوهرات لأول مرة منذ ثلاثة عقود في ظل حملة تسويق قوية للمعدن النادر تستهدف استمرارية رفع سعره .
واصبح عدد كبير من المستشارين الماليين ينصحون مدراء المحافظ الاستثمارية باستثمار نسبة لا تقل عن 5% من اجمالي استثماراتهم بالذهب بهدف تنويع العوائد والمخاطر وحيث كانت مثل هذه النصيحة قبل عقد من الزمان غير عقلانية وتذبذب سعر العملات الرئيسية شجع البنوك المركزية ايضا وخاصة في الدول الناشئة على شراء المزيد من الذهب لتعزيز احتياطاتها وتنويعها بحيث اشارت بعض المصادر الى خطط للحكومة الصينية تستهدف زيادة احتياطاتها من الذهب خمسة اضعاف خلال خمس سنوات ، والصناديق المتداولة للذهب قفزت حيازتها في عامي 2009، 2010 من الذهب الى مستويات قياسية بحيث اصبحت سادس اكبر مالك للذهب بعد البنوك المركزية كما ان عمليات الشراء الفعلية للذهب في اسواق اسيا وبكميات كبيرة وخاصة في الهند والصين زادت من قوة الطلب عليه.
كما ان اجراءات التيسير الكمي التي تقوم بها الولايات المتحدة الامريكية من اجل استمرارية خفض سعر صرف الدولار وخفض سعر الفائدة ادت ايضا الى اللجوء الى الذهب كحافظ للثروة والملفت ان ارتفاع مستوى الثقة بالذهب ادى الى تقبل المضاربين والمستثمرين أي ارتفاع في سعره وتجاهل المخاطر وهو ما يفسره بعض المحللين بانه مؤشر الى ارتفاع وقتي بسعره في مرحلة التكوين وانفجارها مرتبط بظروف والعوامل المؤثرة في تكوينها مع الاخذ في الاعتبار بانه لا يوجد اصل استثماري يستمر سعره في الارتفاع الى مالا نهاية.
وتوقعات بعض البنوك الاستثمارية العالمية تشير الى استمرارية ارتفاع سعره حيث يقدر بعضهم ارتفاعه الى 1650 دولارا وبعضها الى 1800 دولار وان حركة سعر الذهب مرتبطة بتطور الاقتصاد العالمي وبالتالي ارتفاع مستوى سعر الفائدة وارتفاع سعر صرف الدولار وتراجع مخاطر الديون السيادية كلها عوامل تؤدي الى تراجع الطلب على الذهب بالرغم من ان الاستثمار في الذهب لا يشكل سوى 2% من مجموع راس المال العالمي المستثمر.
واجمع عدد من الخبراء والمختصين بصناعة وتجارة الذهب على ان هناك عوامل رئيسة يتم بناءً عليها تحديد أسعاره في الأسواق العالمية والسوق المحلية وهي: اتجاهات المستثمرين وسعر الدولار في أسواق الصرف العالمية، بالإضافة إلي أسعار البترول والتوترات المالية والسياسية، وكذلك الاحتياطيات لدي البنوك المركزية من الذهب، بالإضافة إلي العرض والطلب من الذهب في الأسواق.
واهتمام صناديق الاستثمار بالسلع الأولية بما فيها الذهب ويعد هذا عاملاً رئيسًا وراء ارتفاع أسعار الذهب إلي مستويات تاريخية بسبب جذب مزيد من المستثمرين في السنوات الأخيرة في ظل تذبذب أسواق المال وأسواق الصرف.
و يلعب سعر الدولار في أسواق الصرف العالمية، دوراً رئيسا في تحديد اتجاه الذهب، ففي الوقت الذي ينخفض فيه سعر الدولار ترتفع أسعار الذهب.
وتعد أسعار البترول ثالث أهم العوامل التي يتحدد بناءً عليها أسعار الذهب في الأسواق، حيث يرتبط الذهب ارتباطاً تاريخياً قوياً بأسعار النفط الخام إذ يمكن استخدام المعدن النفيس وسيلة للحد من التضخم الذي يشكل النفط سببه الرئيس.
اما التوترات المالية والسياسية مثل «الأزمات المالية أو السياسية الكبرى» فهي ايضا من العوامل التي يتحدد عليها السعر، لأن الذهب يعد ملاذاً آمناً في تلك الاوقات.
ويأتي بعد ذلك حجم احتياطيات البنوك المركزية من الذهب كأحد العوامل المؤثرة في تحديد أسعار الذهب حيث يؤثر شراء أو بيع البنوك للذهب في الأسعار، واهم العوامل المؤثرة العرض والطلب في تحديد أسعار الذهب ولكنه بوجه عام لا يلعب دوراً كبيراً في تحديد أسعار الذهب بسبب ضخامة المخزون الذي جرى استخراجه، ويقدر الآن بنحو 160 ألف طن «أي أكثر من 60 مثلاً من الإنتاج السنوي للمناجم.
أثارت العلاقة بين اسعار الذهب والبترول جدالاً واسعاً في الأوساط العالمية الاقتصادية والسياسية مرات عدة، نظراً لما يتمتعان به من ميزات ومقومات أدت بهما الى قمة الأسواق العالمية، حتى وإن كان أي منهما في حال تراجع وهبوط فللبترول أهمية بالغة في النمو الاقتصادي لأي دولة، إضافة الى أنه لعب أدواراً متعددة كان لها أثر في العلاقات الدولية التي أصبح يشوبها التوتر والغموض.
أما الذهب فيحظى بشهرة اقتصادية عالمية؛ لكونه أحد أشهر المعادن النفيسة، التي يتفق الجميع على اختلاف ميولهم على اقتنائه، إضافة الى أن الأفراد يسعون إليه لإحساسهم بالفخر لامتلاكه، واستخدامه ملاذاً آمناً في أوقات الأزمات والحروب لذا، فإن الذهب والبترول نالا اهتماماً كبيراً من جانب المتخصصين منذ اكتشافهما نظراً للعلاقات الاقتصادية المتشعبة بينهما وبين الكثير من المتغيرات الاقتصادية الأخرى وفي ضوء ذلك تأتي أهمية دراسة العلاقة بين الذهب والبترول وتوضيحها حتى يمكن معرفة مدى تأثير كل منهما في الآخر.
وتناول الكثير من الخبراء والمتخصصين هذه العلاقة من قبل، وتوصلوا الى أن هناك اعتقاداً سائداً بأن لارتفاع أسعار الذهب علاقة وطيدة بأسعار الطاقة والنفط، من منطلق أن لسعر النفط علاقة بإنتاجية معظم السلع لأنه يمثل جزءاً من مكونات التكلفة لأي سلعة، سواء النقل أو الإنتاج أو غيرهما وعند حدوث أي تغيرات في أسعاره، فإن ذلك يؤثر في الاقتصاد المحلي من خلال إحداث تغيرات في أسعار السلع المحلية سواء كان التغير بالارتفاع أو الهبوط.
وفي حالة الذهب الذي يعد سلعة استراتيجية مهمة حافظة للثروة، فإن القول بوجود علاقة بينه وبين النفط ليست اعتباطية، فكلما ازدادت أسعار البترول تحدث زيادة في أسعار الذهب، ولنا أن نتصور كيف تحدث هذه العلاقة ويمكن إيجاز ذلك في النقاط الآتية:
أولاً: من خلال المشاهدات والتحليلات يتضح لنا أن عند ارتفاع أسعار الذهب تحدث طفرات في أسعار البترول. ففي الوقت الذي كان يحقق أسعاراً مرتفعة، كانت أسعار الذهب تتجه في الاتجاه ذاته. ويتضح ذلك من خلال تحليلنا أسعار كل من الذهب والبترول. ففي بداية عام 2005 وصلت أسعار البترول الى مستويات عالية تخطت حاجز الخمسين دولاراً ، حتى بلغت نحو 60.55 دولار للبرميل.
وفي الوقت ذاته كانت أسعار الذهب تواصل ارتفاعها حتى بلغت نحو 428.93 دولار للأونصة، ثم وصل سعر البرميل في تشرين الأول (اكتوبر) الى 93 دولاراً ووصل سعر أونصة الذهب الى 777 دولاراً، أي أن ارتفاع مقياس النفط يدفع الذهب نحو الارتفاع.
ثانياً: ارتفاع أسعار البترول يؤدي الى ارتفاع حصيلة الدخل القومي للدول المنتجة، مما يؤدي الى ارتفاع مستوى دخل الأفراد، الذي يؤدي بدوره الى ارتفاع مستوى المعيشة، مما يتيح للأفراد في هذه الحالة موارد تنفق على إشباع الحاجات الأساسية والضرورية، ثم بعد ذلك يتجهون نحو إشباع حاجتهم الى الكماليات ومنها الذهب، فيزيد الطلب عليه وبالتالي ترتفع أسعاره إضافة الى استخدامه أداة مهمة آمنة للاستثمار والاحتياط للمستقبل، بعيداً من المشاكل التي تنجم عن الاستثمار في الأسهم والسندات والمضاربات.
ثالثاً: هناك عامل آخر لا يقل أهمية ففي بعض الأحيان يلجأ المضاربون الكبار في البورصات العالمية للذهب الى رفع أسعاره رغبة منهم في امتصاص الزيادة التي حدثت في حصيلة العائدات البترولية والناتجة من ارتفاع أسعار البترول وفي هذا السياق تجدر الإشارة الى أن ارتفاع أسعار الذهب والبترول له عوامل ومحددات ترتبط بمدى الارتفاع أو الانخفاض في أسعار كل منهما، تخرج عن نطاق العرض والطلب.
العوامل المحددة لارتفاع أسعار الذهب:
يأتي نقص الإنتاج في الدرجة الأولى، مما يؤدي الى نقص المعروض منه وذلك بسبب توقف بعض الدول المنتجة عن زيادة انتاجها من الذهب وطرحه لأسباب عدة.
وهنا يلاحظ وجود علاقة عكسية بين كمية الذهب المعروضة والسعر، فكلما انخفض المعروض ارتفع السعر والعكس صحيح. إضافة الى تأثير انخفاض أسعار الفائدة في أسعار الذهب.
فمن الثابت في حال انخفاض أسعار الفائدة أن يلجأ الأفراد الى تحويل المدخرات النقدية لديهم الى ذهب، وذلك من منطلق أن الذهب يتميز بثبات القيمة حتى في أوقات الأزمات واندلاع الحروب والاضطرابات الدولية، التي تؤثر في أداء الاقتصاد العالمي إضافة الى إمكان التأثير في أسعار الذهب بالارتفاع من خلال زيادة كمية الاحتياط الموجود لدى الدول المتقدمة، في حال وجود دوافع ومؤثرات سياسية من جانب هذه الدول.
أما بالنسبة لاسباب ارتفاع أسعار البترول فتتمثل بما يلي: نقص القدرات الإنتاجية، وضعف المخزون في الدول خارج «أوبك»، إضافة الى التقلبات والتغيرات السياسية التي تلعب دوراً مهماً في ارتفاع أسعار النفط مثلما حدث في بداية الغزو الأميركي للعراق، كما تلعب المضاربة في سوق النفط دوراً مهماً في تحديد الأسعار، وكذلك قدرة المصافي على تأمين الكمية الكافية للسوق، والاضطرابات الأمنية في بعض الدول المنتجة، والمخاوف من أعمال عسكرية كالتي يوحي بها الوضع النووي الإيراني، والحشود العسكرية التركية على حدود كردستان العراق، ويربط بين الذهب والنفط رابط وثيق، فالاثنان سلعتان استراتيجيتان تتأثران بالتحولات الدورية، خصوصاً في مناطق الإنتاج.
توقعات 2017
قرار المركز الأمريكي حول رفع اسعار الفائدة لا يزال قائماً، إذ من المتوقع ان تتباطأ وتيرة رفع أسعار الفائدة من قبل مجلس الاحتياطي الفيدرالي، و أن ترتفع اسعار الفائدة الأمريكية قليلا ، وهي بعض العوامل التي تؤخذ بالحسبان في توقعات الذهب لعام 2017.
ويعود ذلك الى التباين الواضح في السياسة المتبعة بين الفيدرالي و البنوك المركزية الأساسية، لأن مجلس الاحتياطي الفيدرالي أوقف أية خطط تحفيزية، بينما البنوك المركزية مستمرة في عملية التوسع بإجراءاتها التحفيزية.
وكان الذهب في عام 2016 حقق مسيرة صعود قوية، رغم المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط، وخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، والمخاوف في بعض العملات الرئيسية، وتراجع أسواق الأسهم وعائد السندات السيادية للدول الكبرى.
ولكن الضغوط عادت من جديد على اسعار الذهب مع التوقعات بارتفاع أسعار الفائدة على الدولار الأمريكي، في ظل أداء اقتصادي مقبول أمريكياً. وتنعكس قوة الدولار سلباً على الذهب، لكونها تطفئ بريق المعدن الأصفر في أعين المستثمرين كأصل بديل. وتجعل شراء المعادن المقومة بالدولار خاصة الذهب ذات تكلفة عالية خصوصا على حائزي العملات الأخرى.
ومن المتوقع أن تواصل أسعار الذهب التذبذب الطفيف خلال بقية العام الحالي، وذلك لأسباب تتعلق برفع أسعار الفائدة الأمريكية، وما سيترتب على سياسة الرئيس الامريكي دونالد ترمب، ومن المتوقع ايضا ان تتواصل مخاوف المستثمرين من الذهب، وانعكاسه على عمليات البيع والشراء نهاية العام الحالي.
وشهدت اسعار الذهب في الربع الأول من العام الحلي صعودا واثقاً نسبياً مع إقبال المستثمرين عليه كملاذ آمن، وذلك بسبب المخاوف المترتبة على خروج بريطانيا من الاتحاد الاوروبي، والتعديلات الجديدة التي ستطرأ على أسعار الفائدة، اضافة الى المخاوف الجيوسياسية في الشرق الأوسط ومناطق أخرى في العالم. فضلا عن التعافي النسبي المتوقع ان يشهده الطلب من الصين والهند، مع وجود إشارات الى تعاف جزئي لهذه الاقتصادات.
وتشير التوقعات الى أن أسعار الذهب سترتفع 15%، في ظل التوقعات بأن رفع أسعار الفائدة سيكون محدوداً، كما يتوقع أيضا أن الدولار سيظل متراجعا، مما سيدفع البنوك المركزية الى تكوين الاحتياطات من الذهب عوضا عن الدولار، مما سيدفع الأسعار الى مزيد من الارتفاع، اذ من المتوقع ان يلامس سعر الذهب في مطلع الربع الأول من 2017 1400 دولار للأونصة.
ميزات العملات الإلكترونية :
مع التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل، أصبح الاتجاه نحو التعامل الإلكتروني محط اهتمام الدول، حيث تم اختراع البطاقة البنكية للاستعاضة عن التعامل اليدوي بالعملة الورقية وبالتالي الحفاظ عليها من التلف، وتكون البطاقة البنكية مشحونة بمبلغ معين من المال يمكنك استخدامها متى تشاء أو يمكنك استخدام الطريقة الأخرى من خلال امتلاكك لبطاقة ائتمانية أو حساب بنكي بتحويل المال عبر الانترنت أو البريد الالكتروني لعناوين مختلفة وهو ما يحصل في حالة خدمة PayPal الشهيرة على سبيل المثال.
وهذا الاتجاه خلق ما يسمى اليوم بالعملات الإلكترونية، وهذه العملات ليست عملات صادرة عن بنك مركزي ما وليس لها أي تمثيل فيزيائي حقيقي، بل هي مجرد سطور برمجية وخوارزميات ولوغاريتمات مكتوبة ومحملة على الشبكة العنكبوتية، وهي كما العملات الأخرى تتحدد قيمتها الشرائية بالعرض والطلب.
وقد يستغرب بعضهم وجود إقبال على هذه العملات كونها لا تملك تمثيلاً فيزيائياً، ولكن نستطيع الإجابة عن هذا التساؤل بأن العملات الإلكترونية تمتلك ميزات لا توجد في سواها، فلنأخذ مثلاً أشهر هذه العملات (Bit coin) وهي عُملات تشفيرية Crypto currencies
وهذه العملة تعطي ميزات خصوصية مطلقة للمستخدم، فلا أحد يستطيع معرفة أي تعاملات تقوم بها ولا يمكن كشف مصدر أو اتجاه أي عملية تحويل، ويعود الفضل في ذلك لاستخدام تقنية التوجيه البصلي لتشفير العمليات ما هي الشبكة المظلمة (Dark Web)؟ هي منطقة من البنية التحتية تحوي على بعض من المجرمين أو الهاربين من المجتمع والأهم أنها لا تخضع لسيطرة القانون والوصول إليها صعب نسبياً. كما أن الشبكة المظلمة هي جزء من الشبكة العميقة، بالتالي جزء من الإنترنت لكن الوصول إليها يحتاج إلى برمجيات أو إعدادات خاصة وفي بعض الأحيان يحتاج إذناً مسبقاً للوصول.
وحققت عملة Bit coin أعلى مستوى صرف لها في بداية عام 2014 بتعديها عتبة 1100 دولار أمريكي، بينما في لحظة كتابة هذا المقال فسعر الصرف يقف عند 577 دولارا أمريكيا.
اهداف عملة البتكوين (التشفيرية)
تهدف العُملات التشفيرية الى السماح للمُستخدمين بإرسال مبالغ مالية لبعضهم بعضا على الإنترنت عبر شبكة الند للند او Peer-to-Peer دون الحاجة إلى سلطة مركزية لمُراقبة عمليات الدفع والتحويل، مع المحافظة على مجهوليته.
ولا تشترط العُملات التشفيرية فتح أي نوع من الحسابات، فكل ما تحتاجه هو تفعيل تطبيق خاص بالعُملة التي ترغب في استخدامها يتولى مهمة توليد “عُنوان” يتم استخدامه لإرسال واستقبال التحويلات، بطبيعة الحال لن تظهر لديك أية عملات تشفيرية بمُجرد أن تقوم بتفعيل هذا التطبيق، وعليه فإنك ستحتاج إلى أن تُقنع من يملكها بأن يُعطيك أو يبيعك بعضا من العُملات التي بحوزته، قبل أن يُصبح بمقدورك القيام بعمليات دفع عبر هذه العُملات.
ويُمكنك أيضا أن تحصل على العُملات التشفيرية عبر عملية التنقيب mining ، ولكنها طريق شاقة وطويلة ومن شأنها أن لا تُعطيك النتائج التي تصبو إليها من دون أن تستثمر في مُعدات تنقيب خاصة بذلك.
وليست البيتكوين هي العُملة التشفيرية الوحيدة الموجودة على شبكة الإنترنت حاليا، ولكنها العُملة الأولى من نوعها والأكثر شهرة وانتشارا، اذ هناك نحو 60 عُملة ، 8 منها توصف بالرئيسة؛ اعتمادا على عدد المُستخدمين وبنية كل شبكة، والأماكن التي يُمكن استبدال وشراء هذه العُملات التشفيرية مُقابل عُملات أخرى.
شذى خليل
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية