محمود أحمدي نجاد يفجر قنبلة سياسية في إيران

محمود أحمدي نجاد يفجر قنبلة سياسية في إيران

منتقلا من تقاعده وعزلته السياسية فجأة إلى واجهة الأحداث، أعلن الرئيس الإيراني السابق محمود أحمدي نجاد ترشحه للانتخابات الرئاسية المقبلة، رغم ما عُرف عن معارضة المرشد الأعلى علي خامنئي لهذا الترشح وهو صاحب القدرة الحقيقية في هذا البلد.

صباح الأربعاء الـ12 من أبريل 2017 توجه نجاد إلى وزارة الداخلية وسجّل ترشحه بصورة رسمية معلنا في الوقت نفسه أنّ هذا العمل لا يعني أنه راغب في استعادة المنصب الذي شغله لدورتين رئاسيتين إلا أنه جاء دعما لترشح حميد بقائي لكرسي الرئاسة.

وقف نجاد أمام عدسات الصحافيين وهو يرفع يد حميد بقائي وعلى وجهه ابتسامته العريضة الشهيرة. وهذا بدوره يثير أسئلة عن مدى توافق هذا مع توجهات المرشد الأعلى علي خامنئي الذي سبق أن أعلن منعه لنجاد من ممارسة السياسة تجنبا لوقوع استقطاب مضر في البلاد عشية ترشح حسن روحاني وآخرين لمنصب الرئاسة عام 2016 في أوج تصاعد أزمة الملف النووي الإيراني وتفاقم الأزمة الاقتصادية التي تسبب بها الحصار الدولي الذي فُرض على إيران سنوات طويلة.

كالعادة، استخدم نجاد لغة مراوغة معلنا بعد ترشحه الأربعاء، أنّ “المرشد الأعلى نصحني بألا أشارك في الانتخابات وقبلت ذلك (…) أنا ملتزم بوعدي. إنّ تسجيل ترشيحي يهدف فقط إلى دعم ترشيح شقيقي حميد بقائي“، كما نقلت عنه وكالة الأنباء الفرنسية.

يزيد هذا التصريح من غموض الموقف، فإذا كان قد رشّح نفسه فهو قد خالف إرادة خامنئي، حتى إذا جاء الترشح لدعم بقائي كما ادّعى. وحاول نجاد إزالة هذا اللبس بإعلانه أنّ نصيحة المرشد الأعلى لا تتضمن منعا من المنافسة، ولكن منعا من تولي منصب الرئيس!

وهذا يعني بلغة السياسة أنّ نجاد الذي يحظى بشعبية قوية في الريف الإيراني وفي الضاحية الجنوبية الفقيرة من طهران يريد أن يمضي في المنافسة ليحصد أصوات مؤيديه ثم يعلن انسحابه مضيفا تلك الأصوات إلى رصيد حميد بقائي نائبه السابق في منصب الرئاسة.

وكمقدمة لهذه المناورة الانتخابية التي قد لا يقرّها قانون الانتخابات الإيرانية، أعلن بقائي مؤخرا، أنه لا ينتمي إلى أيّ فريق سياسي، مميزا نفسه عن الفريق المحافظ.

وفي يونيو 2015 كان بقائي قد أوقف لمدة سبعة أشهر ثم أطلق سراحه بكفالة بسبب نقله أموالا إلى خارج البلاد، وقربه من دولة أجنبية استثمر فيها تلك الأموال، كما كشف موقع “تابناك” المقرّب من روحاني.

ولا يملك بقائي حضورا جماهيريا بسبب صغر سنه وعدم امتلاكه رصيدا لدى الرعيل المحافظ الذي شارك في الحرب الإيرانية العراقية، إضافة إلى الشكوك الكبيرة التي تحوم حول ذمته المالية وتوجهاته المعادية علنا للإصلاح، وهو مرشح خرج من أروقة دولة أحمدي نجاد ومنه يكتسب القوة، وهذا ما عكسته تصريحات أحمدي نجاد نفسه والتي عبّرت عن تضامنه مع بقائي وتأكيد براءته من تهم الفساد التي نسبت إليه.

ولقي ترشّح نجاد ردود فعل حادة حيث قالت معصومة ابتكار رئيسة منظمة البيئة (ونائبة الرئيس السابقة) في حوار مع إيسنا إن “أجندات البعض مكشوفة للجماهير ولأجهزة الرقابة على حد سواء، نأمل أن يراعي الجميع الأخلاق وهي واحدة من أهم أطر الانتخابات “.

أما مهدي كوجك زاده وهو نائب سابق في مجلس الشورى، وكان من أشد المدافعين عن نجاد أثناء رئاسته الثانية على وجه الخصوص فقد كتب على إنستغرام مخاطبا نجاد “ما قمتم به من ترشيح أنفسكم لرئاسة الجمهورية يأتي على الضد من الرؤية الحكيمة لإمام المحرومين والمستضعفين والمجاهدين (خامنئي)!… أنت اليوم ظلمت الناس بنفس قدر الظلم الذي وجه إليك وأكثر”.

وقال حسين كنعاني مقدم عضو جبهة التصدي المقرّب من محسن رضايي لمراسل وكالة إيلنا “هذا عمل انتحاري، لقد ارتدى نجاد حزاما ناسفا ودخل به ميدان الانتخابات”.

ومضى إلى القول “رسالة أحمدي نجاد موجهة ضد الثورة، فهي تفيد -إذا كنتم نائمين فنحن صاحون-، وبالنظر لوضوح توصية القائد (خامنئي) ما كان له أن يسجل ترشحه، ففي هذا العمل نوع من التمرد على الولي الفقيه”.

وفي تغريدة على تويتر قال سعيد ليلاز المحلل السياسي المقرّب من الإصلاحيين “ترشح أحمدي نجاد لا يخاطب الإصلاحيين، بل يخاطب السلطة العليا في النظام، ربما تحول نجاد إلى بوريس يلتسين إيران”.

وكتب أحمد نادري رئيس تحرير صحيفة “رجا نيوز” في تغريدة له “نشهد اليوم لعبة معقدة جديدة من جعبة المخابرات الإنكليزية في انتخابات عام 1396”. مذيلا التغريدة بهاشتاغ#نفوذ#أحمدي نجاد.

دوليا، قال أيلي جيرانمايه وهو زميل سياسي في المجلس الأوروبي للعلاقات الخارجية في حديث مع “سي بي سي نيوز” الأميركية “هذا تحدٍ سافر لما قاله القائد الأعلى علنا وبوضوح، ما فعله محمود أحمدي نجاد مدمّر، لكن هذا كان دأبه دائما إبان دورته الرئاسية الثانية”، في إشارة إلى الأفعال الاستعراضية التي اعتاد نجاد على ممارستها أمام أنظار الناس في محاولة لحرف الرأي العام عن توجهاته الحقيقية ولاستفزاز الخصوم، وهي سياسة دفعت إيران وشعوبها ثمنا باهظا لها خلال الحصار الاقتصادي الدولي الذي أسقط قيمة العملة الإيرانية ورفع معدلات التضخم الاقتصادي إلى 400 بالمئة.

ولأن المرشحين للرئاسة الإيرانية يجب أن يُصادق عليهم مجلس صيانة الدستور، فمن غير المتوقع أن يصادق المجلس على ترشّح نجاد هذه المرة.

ملهم الملائكة

صحيفة العرب اللندنية