طريق الحرير.. عولمة جديدة بمواصفات صينية

طريق الحرير.. عولمة جديدة بمواصفات صينية

تحاول الصين فرض “عولمة بمواصفات صينية” على الجزء الشرقي من العالم، فيما تهيمن الولايات المتحدة على جزئه الغربي، عبر مشاريع بنية تحتية واستثمارات تنموية مشتركة مع كل بلد على حدة، تؤدي في النهاية إلى ربطها معا بشبكة طرق تنتهي جميعها في بكين.

وهذه الاستراتيجية، المعروفة بـ”إعادة إحياء طريق الحرير”، هي أداة الصين الرئيسية لفرض رؤيتها للتجارة الحرة في مواجهة مقاربة الإدارة الأميركية بقيادة دونالد ترامب، التي تبدو منحازة لفرض سياسة الحماية على اتفاقات التجارة.

وستمنح رؤية الرئيس تشي جينبينغ الصين قوة ناعمة تفتقدها بغياب أي تأثير للفن الصيني أو صناعة السينما أو الأدب أو الموسيقى خارج منطقة جنوب شرق آسيا.

لكن المشروع لم يخرج بعد عن حيز الرؤية، إذ مازال يفتقر إلى خطة واضحة وبنية هيكلية متكاملة، كما يشهد معارضة من دول صناعية كبرى، تخشى من فرض الصين هيمنتها الكاملة على سوق التجارة العالمية.

وافتتح الرئيس الصيني الأحد في بكين قمة دولية حول “طرق الحرير الجديدة”، التي يشارك فيها قادة 29 بلدا، ومنهم الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والتركي رجب طيب أردوغان، اللذان جلسا إلى يمين تشي جينبينع ويساره خلال حفل الافتتاح.

وقال الرئيس الصيني إن “العزلة تؤدي إلى التخلف والانفتاح هو مثل معركة اليرقة التي تخرج من شرنقتها. وهذا يترافق مع الألم، لكن هذا الألم يعطي حياة جديدة”.

وأكد الرئيس الصيني، الذي تطرق إلى ذكرى تجار مثل ماركو بولو، سلكوا الطريق التجارية القديمة، أن “روح طريق الحرير أصبحت تراثا كبيرا للحضارة الإنسانية”.

وتهدف القمة إلى إحياء طريق الحرير القديمة التي كانت تستخدم لنقل منتجات امبراطورية الوسط إلى أوروبا والعكس بالعكس، عبر آسيا الوسطى، على ظهور الجمال. وتقضي دورة 2017 التي دعت إليها الصين، إلى مناقشة مجموعة من الاستثمارات في مشاريع للسكك الحديد والطرق السريعة والمرافئ والطاقة.

وقال الرئيس الصيني إن “طريق الحرير القديمة قد أزهرت في زمن السلام لكنها فقدت قوتها في زمن الحرب. واستمرار مبادرة طرق الحرير الجديدة يتطلب بيئة سلمية ومستقرة”.

وتِأمل الصين في نقل بعض مصانعها إلى الدول المجاورة تحت لافتة مبادرة “الحزام والطريق”، وبالتالي تقلل الطاقة الإنتاجية المحلية الفائضة للعديد من القطاعات الصينية.

لكن لا يبدو أن طريق الحرير مفروشة بـ”الحرير” أمام الصين، إذ تواجه مخاطر تتمثل في صراعات اثنية وعقائدية مسلحة على جانبي الطريق، ومن ثم تعرض نفسها لمخاطر خسائر بمليارات الدولارات في مشاريعها في هذه المناطق.

كما تواجه معارضة قوية خصوصا من قوى أوروبية وضعت شروطا من أجل قبول المبادرة والموافقة عليها.

وعلى هامش المنتدى، قالت وزيرة الاقتصاد الألماني، بريجيت زيبريس إن دول الاتحاد الأوروبي قررت عدم التوقيع على بيان مشترك حول التجارة، ما لم تلب الصين مطالبها.

وتتخذ الدول الأوروبية عناوين التجارة الحرة كلافتة تضمر خلفها الكثير من القلق بشأن تمدد النفوذ الصيني، الذي سيعيد تشكيل تمدد الدول من أبعاده السياسية والعسكرية إلى آليات اقتصادية مكلفة.

وإذا ما نجحت مبادرة “طريق الحرير” فستصبح الصين رقما سياسيا صعبا خارج منطقة نفوذها التقليدية في جنوب شرق آسيا.

ويقول خبراء إنه من الممكن لطريق الحرير أن تجعل من الصين لاعبا أساسيا في أزمات الشرق الأوسط، عبر خلق ممر اقتصادي يشبه ممر روسيا – دول البلقان – البسفور العسكري الذي سمح لروسيا باستعادة نفوذها في المنطقة في وقت قياسي.

صحيفة العرب اللندنية