ما يجري في محيط محافظة كركوك يشي بأن تنظيم داعش الإرهابي لم يتم القضاء عليه بشكل كامل. فهذا الإرهاب يتواجد في الوديان والمناطق الوعرة. فهم يتخذون من وادي النفط ووادي زغيتون ومنطقة باجوان باتجاه سد عظيم بمحافظة ديالى وأيضًا جنوب قضاء داقوق ملاذ آمنًا لهم. والذي ساعدهم على ذلك وجود فجوات أمنية في محيط تلك المحافظة يستثمرها تنظيم داعش خدمة لأغراضه الإرهابية والذي سهّل عليهم أيضًا العيش في تلك المناطق عدم وجود أي مظهر من مظاهر القوات العراقية خاصة بعد انسحاب الجيش والشرطة والحشد من هناك، كما أن الذي مكنهم من التحرك بسهولة في تلك المناطق توتر العلاقة بين البشمركة والجيش العراقي على خلفية الاستفتاء.
لكن ما يثير الاستغراب، ففي الوقت الذي يعيث تنظيم داعش الخراب في محيط محافظة كركوك لم يقم الحشد الشعبي بأي محاولة لطرده أو القضاء عليه، وإنما رضي لنفسه بأن يحكم مركز المحافظة غير عابىء لجرائم داعش في محيطها. الإرهاب الذي يمارس على أرض العراق يجعل المرء في حالة الدهشة، فبعد الاستفتاء في إقليم كردستان ظهر علينا إرهاب “رايات البيض” وبعد طرد داعش ودحره من الموصل والرقة، يعود ليظهر في محيط محافظة كركوك!! لا يزال هذا التنظيم الإرهابى يرى في العراق التربة الخصبة ليمارس أبشع إعماله الإرهابية وهي على خمس مراحل كالآتي:
أولًا-مرحلة “صيد الغربان” هدفها اغتيال شخصيات محددة من الحشد العشائري السُني.
ثانيّا-مرحلة”الاعتداءات الصغيرة” يكون هدفها كل المقرات الأمنية والعسكرية والمقرات التابعة للحشد الشعبي، وقد شهدت محافظة كركوك مثل هذه الاعتداءات.
ثالثًا- مرحلة”ثورة الأبراج” وهي مرحلة الاعتداءات القوية على المقرات المشار إليها آنفًا وتتخذ أشكال متعددة كاللجوء إلى السيارات المفخخة واساليب العمل الانتحاري.
رابعًا-الهجوم على المدن.
خامسًا-السيطرة على المدينة.
إلى جانب هذه المراحل الخمس، ولتوفير مورد مالي لتمويل عملياته الإرهابية، يقوم تنظيم داعش الإرهابي حاليًا في محيط محافظة كركوك بفرض الأتاوات على القرى والبلدات وخطف المواطنين وخطف السيارات. وتقع هذه العمليات بشكل يومي وكثير منها لا يصل إلى الإعلام أو ربما هناك تعتيم إعلامي عليها.
والسؤال الذي يُطرح في هذا السياق : هل ما يحدث في محيط تلك المحافظات لا علم لإدارة الرئيس ترمب بها؟
تشير المعلومات بأن مسؤولين عراقيون كانوا قد أطلعوا الإدارة الأمريكية بحقيقة ما يحدث في محيط المحافظة وخاصة مسؤولين كركوك، وطالما الصمت عما يحدث هناك هو الرد فعل الأمريكي عليها، هذا يعني أن الإدارة الأمريكية غير مهتمة في الوقت الراهن في ما يجري في محيطها. أو ربما تكون راضية عما يجري لجهة استخدام لضرب النفوذ الإيراني في العراق واستنزاف قدرات الحشد الشعبي أو لجهة لسان الحالة الإدارة الأمريكية لنرى ما بوسع العراقيون فعله في التعامل مع تنظيم داعش في محيط المحافظة. ولكن ذلك كله يُصب في المدرك الأمريكي بأن على الجميع في العراق أن يقتنع بأن لا غنى عن الإدارة الأمريكية سواء كانت الحالية أم القادمة في حل مشكلات العراق وإلا الفوضى ستكون مصيره. وفي المقابل على إيران أن تدرك أن وقوع العراق تحت نفوذها ليس بالضرورة أن تسير الأمور وفق مصالحها على المدى المتوسط والبعيد فكل شيء في العراق قابل للتغيير وهذا الرهن التحولات في الداخل والخارج العراقي.
ولمواجهة ما يحدث في محيط محافظة كركوك هناك أنباء تتحدث عن تقدم البشمركة باتجاه كركوك، وان القوات الأمريكية في قاعدة “كيوان” تتهيأ لعمل عسكري، وأن القوات العراقية تستعد لخوض هجوم وشيك وكاسح على تنظيم داعش الإرهابي. وهذه مجرد أنباء فليس كل ما يعلن في الإعلام يمثل وجه الحقيقة. خلاصة القول: أن ما يجري في محيط تلك المحافظات يؤكد على أن مرتزقة تنظيم داعش الإرهابي تستخدم كورقة في الصراع الأمريكي الإيراني على أرض العراق، مستغلين في ذلك أزماته المتعددة لكسر إرادة أبنائه.
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية