شذى خليل
تقع كندا شمالي أمريكا الشمالية, وتمتد من المحيط الأطلنطي في الشرق إلى المحيط الهادي في الغرب متجها شمالا نحو المحيط المتجمد الشمالي، وتتألف من عشر مقاطعات وثلاثة أقاليم.
النفط في كندا
يرجع اكتشاف النفط في كندا الى آلاف السنين ، ويعد “تشارلز نيلسون” أول كندي يستخرج النفط لأغراض التجارة، في عام 1851، في بلدة إينيسكيلين، بالقرب من سارنيا، ” أونتاريو” الحالية (والتي كان يطلق عليها اسم غربي كندا) و بدأ العمل في المناطق القريبة من بلاك كريك، حيث تم تأسيس أول شركة نفط في كندا.
ونشأت صناعة النفط في كندا بالتوازي مع جارتها الجنوبية الولايات المتحدة الامريكية ، لكنها تطورت في كندا بمعدلات سريعة بسبب الطبيعة الجغرافية والجيولوجية المميزة لها ، وتفردها في الموارد وأنماط المستوطنات، و كان تطور قطاع النفط عاملاً رئيسًا في تاريخ كندا، اذ أصبحت متميزة عن جارتها في الجنوب.
وتوصف صناعة النفط والغاز التقليدية غربي كندا بالنضج، رغم ان موارد المنطقة القطبية الشمالية وموارد النفط البحرية لا تزال في مراحل الاستكشاف والتطوير الأولي مقارنة بالدول الأخرى
وفي أواخر الخمسينيات من القرن العشرين اصبحت كندا عملاقًا بإنتاج الغاز الطبيعي، وتأتي في المرتبة الثانية بعد روسيا فيما يتعلق بصادراته، كما أنها تعد مقرًا لأكبر منشآت استخراج سوائل الغاز الطبيعي، اذ تم إنشاء شبكات خطوط الأنابيب في الفترة ذاتها، مما انعكس على تطوير الاسواق المحلية والدولية بشكل ضخم وكبير وسريع .
وبرزت أهمية البترول الكندي في أسواق البترول العالمية منذ 2003 و اصبح اسم كندا البترولية ، مؤثرة في العالم ، اذ قفز احتياطيها البترولي من 10 مليارات برميل الى 180 (18 ضعفا) مليار برميل فأصبحت كندا ثالث أكبر دولة – بعد فنزويلا والمملكة – لديها احتياطي مؤكد من البترول.
وتعد كندا أكبر خامس دولة منتجة للبترول في العالم (بعد المملكة، وروسيا، وامريكا، والصين) .
ورغم أن كندا دولة متقدمة الا أن استهلاكها للبترول قليل نسبيا ، أي ان الاستهلاك السنوي ينمو نحو 0.7 % ، وبلغ استهلاك كندا للبترول في عام 1980 نحو 1.87 مليون برميل ، وفي عام 2016 ، نحو 2.40 مليون برميل أي بزيادة قدرها 530 ألف برميل فقط على مدى 36 سنة.
ومصادر الدخل في كندا متنوعة لذا تعد من الدول الغنية ، وان دخلها من البترول هو مصدر ثانوي ،مما يدل على ان الزيادة في انتاج بترول كندا يتم تصديرها الى الأسواق العالمية وبالتالي سيكون بترول كندا منافسا قويا لبترول الدول التي يعتمد دخلها وموازنتها العامة على تصدير البترول مصدرا للدخل ، التي تتأثر وبشكل كبير بسوق النفط وتذبذب الأسعار والذي ينعكس بشكل مباشر على عجز الموازنة العامة لتلك الدول وبالتالي يتضرر المستوى المعاشي والصحي والخدمي للمواطنين في تلك البلدان ، والاهم ان تحافظ على انخفاض تكاليف استخراج البترول.
وتقدر الاستثمارات في كندا ببلايين الدولارات، إلا أن البتومين، الذي هو عبارة عن مزيج من سوائل عضوية لها لزوجة عالية جداً، ويتكون من مزيج مكثف من الهيدروكربونات العطرية متعددة الحلقات يستخدم في اعمال العزل ضد الرطوبة بأنواعها و انشاء الطرق ، ويوجد في الرمال النفطية في أثاباسكا، ومازال موردًا لم يتم استغلاله بشكل كامل.
ويرى المختصون والمحللون الاقتصاديون انه بحلول عام 2025، يمكن أن تكون كندا في أعلى المراتب بين الدول المصدرة والمنتجة للنفط، وغيره من موارد النفط غير التقليدي – أي موارد الحدود الشمالية والبحرية والنفط الخام الثقيل في الموجود في الغرب .
وفي تقييم أجرته إدارة معلومات الطاقة (EIA) في عام 2004 للموارد العالمية، حصلت احتياطيات النفط الكندية على المرتبة الثانية.
” استراتيجية البترول الكندي”
وضعت كندا استراتيجية مهمة لاقتصادها ، اذ استطاع البترول الكندي ان يحل محل البترول الذي كانت تستورده أمريكا من الدول الأخرى فأصبحت كندا أكبر دولة تستورد أمريكا منها البترول حيث بلغت واردات أمريكا من كندا 3.4 مليون برميل في اليوم (37 % من اجمالي الواردات) عام 2014. وتسعى كندا الى توسع أسواقها لتصدير البترول لتصل الى آسيا، ودول أخرى .
و اكد الصحافي الاقتصادي جيرالد فيليون، ان احتياطي كندا النفطي يقدر بـ175 مليار برميل، أي ما يوازي 75 عاما من الانتاج وفق الوتيرة المتوقعة لعام 2030، مشيرا الى ان الحكومة الكندية اتخذت قرارا بزيادة إنتاج كندا من النفط في المستقبل.
ويضيف فيليون إن إنتاج كندا من النفط يبلغ 3,5 مليون برميل يوميا، ومرشحا للارتفاع بأكثر من 80% في السنوات الخمسة عشرة المقبلة ليبلغ 6,4 مليون برميل يومياً. وربع الإنتاج الحالي يذهب إلى مصافي النفط في كندا، ويتم تصدير الباقي إلى الولايات المتحدة. وشركات النفط الكندية تريد زيادة صادراتها إلى الولايات المتحدة، وإلى آسيا.
كندا من الدول الأكثر ثراءً
يحتل اقتصاد كندا المرتبة الحادية عشرة من حيث الحجم في العالم، وتدخل كندا في مصاف أكثر دول العالم ثراءً، اذ تسيطر صناعة الخدمات على الاقتصاد التي يعمل فيها نحو ثلاثة أرباع الشعب الكندي ، كما إنها أحد أعضاء منظمة التعاون والتنمية الاقتصادية “OECD” ومجموعة الثمانية “G8.
وتتميز كندا بأعلى مستويات من الحرية الاقتصادية بين الدول المتقدمة في أهمية القطاع الأولي، خاصة في قطع الأخشاب والبترول و التصنيع و صناعة المركبات وصناعة الطائرات ، وبفضل سواحلها الممتدة على مساحات شاسعة ، تحتل كندا المركز الثامن في قطاع الصيد وصناعة الأغذية البحرية على مستوى العالم، مما كان له الدور المحوري في تشكيل ملامح المقاطعات المطلة على المحيط الأطلسي.
وتشكل التجارة الدولية جزءًا كبيرًا من الاقتصاد، ولا سيما بالموارد الطبيعية، ففي عام 2009، مثّلت صادرات الزراعة والطاقة والغابات والتعدين نحو 58% من إجمالي صادرات كندا.
وشكلت المعدات ومنتجات السيارات وغير ذلك من الصناعات الأخرى ما يزيد على38% من الصادرات في عام 2009.
وتسهم الصادرات بنسبة 30% تقريبًا من إجمالي الناتج المحلي الكندي. وتعد الولايات المتحدة حتى الآن أكبر شريك تجاري لكندا، مع حجم صادرات يبلغ 73% وواردات يبلغ 63%. هذا وقد احتلت الواردات والصادرات الكندية مجتمعةً المستوى الثامن بين دول العالم في عام 2006.
وتمتلك كندا قدرا ضخما من الموارد الطبيعية المنتشرة بجميع أرجائها، مثل صناعة الغابات في كولومبيا البريطانية.
ويعد التعدين الصناعة الرئيسة في أونتاريو الشمالية، حيث تزخر كندا بالموارد المعدنية، مثل الفحم، والنحاس، وخام الحديد، والذهب.
اما قطاع الزراعة ، فيسهم بـ 3% فقط من مجمل الإنتاج المحلي؛ حيث يوجد في كندا نحو 280 الف مزرعة، يبلغ متوسط مساحة الواحدة منها 242 هكتارًا، ويسهم القمح والأبقار والحليب بأكثر من نصف قيمة الدخل الزراعي، ويقع أكثر من ثلاثة أرباع الأراضي الزراعية في مقاطعات البراري.
اما الغابات، فتحتل كندا المركز العالمي الأول في إنتاج الأخشاب، وتمتلك الحكومة الاتحادية وحكومات المقاطعات 90% من أراضي الغابات، لكنها تؤجرها للقطاع الخاص .
وحدة الدراسات الاقتصادية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية