نفط العراق مشتت بين المحاصصة والحقول المشتركة مع إيران والكويت

نفط العراق مشتت بين المحاصصة والحقول المشتركة مع إيران والكويت

خلال العقود الأربعة الماضية، دخل العراق في نزاعات كبيرة مع كل من إيران والكويت حيال حقول النفط المشتركة والتي تضم بحسب تقديرات الخبراء العراقيين كميات هائلة من النفط الخفيف. ولم تتوصل الحكومات العراقية المتعاقبة إلى حل مع دول الجوار وسط تداخل سياسي ومشكلات فنية وجيولوجية.
ويوجد في العراق 24 حقلاً نفطياً مشتركاً مع إيران والكويت وسورية، بينها 15 حقلاً منتجاً والأخرى غير مستغلة، وأبرز تلك الحقول سفوان والرميلة والزبير مع الكويت، ومجنون وأبو غرب وبزركان والفكه ونفط خانه مع إيران.

بداية من إيران، حيث كشفت عمليات التنقيب التي أجرتها شركات غربية في العراق عن وجود 12 حقلاً على الحدود العراقية الإيرانية يقع أغلبها داخل العراق وجزء بسيط في إيران، وتحوي على أكثر من 95 مليار برميل نفط، وهو أكبر احتياطي يتم اكتشافه خلال العقدين الماضيين بين دول منظمة أوبك.

ويتشارك العراق مع إيران بخمسة حقول نفطية هي الفكة، ومجنون، وأبو غرب، وبزركان، ونفط خانة، في حين يمتلك العراق حقولاً أخرى قرب الحدود مع إيران أهمها النور، وابان، وبيدر غرب.

واندلعت عام 2009 أزمة بعد اقتحام قوة إيرانية للجانب العراقي من حقل الفكة المشترك، ورفعت العلم الإيراني فوقه، قبل أن تنسحب في وقت لاحق.

إلى الكويت، حيث تثير الحقول النفطية على الحدود بين الدولتين جدلاً بين الحين والاخر. إذ تمتد حقول نفطية قرب الحدود العراقية – الكويتية تم تنظيم استغلالها من خلال لجنة تابعة للأمم المتحدة عام 1993. وتقع حقول الزبير والقرنة وجزيرة مجنون في الأراضي العراقية قرب الحدود مع الكويت، في حين يتشارك البلدان في حقل كبير يسميه العراقيون الرميلة، ويطلق عليه في الكويت اسم الرتقة.

وقال وزير النفط العراقي ثامر الغضبان نهاية العام الماضي إن العراق والكويت توصلا إلى اتفاق بشأن حقول النفط المشتركة بين البلدين من خلال الاستعانة بشركة استشارات أجنبية.

الخبير النفطي العراقي وأستاذ معهد النفط ببغداد وليد الخالدي أوضح أن “وضع العراق الآن أضعف مما كان عليه سابقاً، والحكومات الحالية لا تريد إغضاب أي من دول الجوار التي لا يمكن القول إنها قد تنصف العراق”.

وتابع: “بالنسبة للكويت فالموضوع يتعلق بجغرافية الأرض الموجود فيها الحقل المشترك، وانخفاض الأراضي العراقية أو ارتفاعها في بعض المواقع، وكذلك مسألة ترسيم الحدود، إضافة الى المسألة البيئية، فالتلوث من تلك الحقول النفطية سيكون أثره كبير على سكان البصرة بشكل مباشر بسبب اتجاه الرياح”.

أما من جهة إيران، فالعراق، حسب وليد الخالدي، يمتلك أغلب مساحة تلك الحقول “وللأسف أي اتفاق في الوقت الحالي مع إيران لن يكون منصفاً”.

وحول الوضع مع سورية قال: “هناك حقل غير مستثمر وهو صغير جداً غرب الأنبار وقرب دير الزور، ولم يدخل الجانبان في أي مشاورات حوله، لعدم قدرة السوريين على استثماره، كما أن العراق ليس بحاجة إليه خلال الفترة الحالية”.

وإضافة الى مشاكل الحقول المشتركة مع دول الجوار، تبرز مشكلة الحقول النفطية العراقية في كركوك وهي المدينة التي تتنازع السيطرة عليها كل من بغداد وأربيل وتحوي على نحو ثلث نفط العراق.

وتصر أربيل على أحقيتها في إدارة نفط كركوك بينما تقول بغداد عكس ذلك، وبسبب هذا الصراع يدخل نفط كركوك عامه الثاني وهو راكد في بطنها، حيث لم يتم استخراج أي كميات منه للتصدير باستثناء 150 ألف برميل تستخرجها بغداد للاستهلاك الداخلي.

وكانت حقول النفط في كركوك خاضعة لسيطرة سلطات إقليم كردستان العراق، قبل أن تفرض بغداد سيطرتها عليها في أكتوبر/تشرين الأول 2017 على خلفية استفتاء الانفصال الذي أجري في الإقليم، إلا أن ذلك لم يوقف الصراع بين الطرفين.

ويؤكد مسؤول حكومي عراقي لـ “العربي الجديد” وجود فجوة كبيرة بين مواقف الطرفين، ففي الوقت الذي تعتقد بغداد أن الدستور منحها حق إدارة جميع حقول النفط في أية بقعة من العراق، ترى سلطات الإقليم أن الدستور ذاته منح هذا الحق لبغداد في ما يتعلق بالحقول المكتشفة قبل إقراره (الدستور) عام 2005، أما الحقول التي تلت تلك الفترة فتتم إدارتها بالشراكة ما بين المركز والإقليم.

العربي الجديد