كانت إقالة وزير الطاقة السعودي خالد الفالح في 7 أيلول/سبتمبر بمثابة الضربة القاصمة في خسارته السريعة للسلطة والنفوذ، وهي عملية دامت تسعة أيام فقط. ففي الثاني من أيلول/سبتمبر، أُعفي من منصب رئيس مجلس إدارة شركة النفط الوطنية السعودية “أرامكو”، بعد ثلاثة أيام فقط من تقسيم وزارة الطاقة والصناعة والثروة المعدنية التي يرأسها إلى اثنين، مع تعيين وزير جديد لمحفظتيْ الصناعة والمعادن.
وكانت هذه التغييرات متوقعة منذ عدة أشهر، ولكن ربما ليس بهذه الطريقة المهينة. فإلى جانب التقارير الإعلامية التي أفادت عن استخدامه طائرات كبار المسؤولين التابعة لشركة “أرامكو” لأغراض خاصة بوزارته، قيل إن الفالح كانت تنتابه الشكوك حول الطرح العام الأولي المزمع لأسهم الشركة. والأهم من ذلك أنه عجز عن الوفاء بوعوده المتعلقة بأسعار النفط، التي تراجعت إلى أقل من 60 دولاراً للبرميل الواحد في الوقت الذي لا تزال فيه ميزانية المملكة قائمة على سعر يتجاوز 80 دولاراً للبرميل.
وعلى الرغم من أن التغييرات نُسبت إلى الملك سلمان، إلا أنها بلا شك صادرة عن نجله ولي العهد الأمير محمد بن سلمان البالغ من العمر 34 عاماً، والذي يسيطر فعلياً على المملكة ويُقال إنه مستاء للغاية من التعقيدات القانونية التي منعت حصول الطرح العام الأولي لأسهم “أرامكو” العام الماضي. ويتطلع الآن إلى تحقيق ذلك في عام 2020 أو 2021.
أما وزير النفط الجديد فهو الأمير عبد العزيز بن سلمان، الأخ غير الشقيق لولي العهد. وهو أكبر من رئيسه الجديد بخمسة وعشرين عاماً، ولا يُعتقد أن علاقة وثيقة تجمع بينهما، ولكنه عمل في الوزارة طوال معظم حياته ويُعتبر مؤهلاً للغاية. وفي الواقع، سيكون أول فرد من العائلة المالكة يرأس وزارة الطاقة؛ ففي السابق، كانت الافتراضات تقول إن الأمراء يفتقرون إلى الكفاءة الفنية لتبوء هذا المنصب ويصعب إقالتهم إذا كان أداءهم ضعيفاً.
وستكون المهمة الرئيسية لعبد العزيز هي التعامل مع سياسات منظمة “أوبك” ومع الدول الرئيسية الأخرى المصدرة للنفط مثل روسيا. وبغض النظر عن تلبية توقعات شقيقه الأصغر، سيتعين عليه أيضاً العمل مع رئيس “أرامكو” الجديد والمقرّب من ولي العهد، ياسر الرميان، وهو مصرفي سابق يتمتع بخبرة محدودة في قطاع النفط. فضلاً عن ذلك، يأتي تعيينه في إطار «رؤية السعودية 2030»، وهي مبادرة لسياسة من توقيع ولي العهد ترمي إلى تنمية اقتصاد المملكة وتقليص اعتمادها على احتياطيات النفط الضخمة. وتتضمن المبادرة تناقض أساسي: من أجل تمويل التحوّل المفترض بعيداً عن النفط، ستحتاج الحكومة إلى التركيز أكثر على النفط على المدى القصير. بالإضافة إلى ذلك، يشير الطرح العام الأولي المخطط لأسهم “أرامكو” بصورة أساسية إلى أن الاستثمار في النفط السعودي هو رهان جيد على المدى الطويل.
وفي الوقت نفسه، يحاول الكثير من بقية دول العالم الابتعاد عن الهيدروكربونات: فالولايات المتحدة، أقدم حليف للمملكة، لم تعد تعتمد على الطاقة، على الأقل وفقاً لبعض التعاريف. حتى أن التوترات الإقليمية الحالية مع إيران عجزت عن زيادة أسعار النفط إلى الحدّ الذين كانت عليه في الماضي. وعلى الرغم من هذه الاتجاهات، فإن التغييرات التي حدثت خلال الأسبوعين الماضيين تمثل بوضوح المحاولة الأخيرة لولي العهد لحل مشكلة مستعصية تتعلق بتوجيه بلاده نحو مستقبل اقتصادي يتوافق مع التغييرات الاجتماعية التي أدخلها. وسيترقب عالما الطاقة والدبلوماسية ما يحمله المستقبل.
معهد واشنطن