مصر تبني عاصمة إدارية اقتصادية جديدة بتكنلوجيا ذكية

مصر تبني عاصمة إدارية اقتصادية جديدة بتكنلوجيا ذكية

الباحثة شذى خليل *

اصبحت العاصمة الإدارية الجديدة لمصر أمر ضروري، حيث تعاني العاصمة الحالية من الازدحام وصعوبة التنقل ، فالوزارات والسفارات المحيطة بميدان التحرير وسط القاهرة تعيق شرايين المدينة، حيث تُغلق العديد من الشوارع لضمان تأمين تلك المباني وقاطنيها، ويسكنها حوالي 22 مليون نسمة، من المتوقع أن يتضاعف عددهم بحلول عام 2050.
حيث تم بناء عاصمة إدارية ضخمة جديدة، على بُعد حوالي 45 كيلومترًا شرقي القاهرة على رقعة من الصحراء تعادل مساحتها دولة سنغافورة، بدأ العمل بهذا المشروع المُكلِف عدة مليارات من الدولارات لتلبية احتياجات عاجلة .
ويبلغ إجمالي مساحة العاصمة الإدارية الجديدة 168 ألف فدان، وتقسم إلى الحي الحكومي، حي المال والأعمال، الحي الدبلوماسي والحي السكني، ومن المتوقع أن تستوعب المرحلة الأولى منها حولي 6.5 مليون مواطن لينمو عدد سكان العاصمة الإدارية الجديدة بعد ذلك إلى 18 مليون بحلول العام 2030 ثم لـ 40 مليونا بحلول العام 2050.
ومن المتوقّع أن تضمَّ السفارات والهيئات الحكومية والبرلمان و30 وزارة ومجمع رئاسي و6.5 مليون نسمة عند انتهائها، وستخلق المساكن التي تشتدُّ الحاجة إليها، والأكثر من ذلك أن الحكومة تعهّدت بتخصيص 15 متر مربّع من المساحات الخضراء لكل مواطن في العاصمة الجديدة.

تؤكد بعض الدراسات الاقتصادية ان العاصمة الإدارية الجديدة ستكون أول مدينة ذكية على أرض مصرية، فالمباني والمواصلات والخدمات كلها مميكنة بالكامل ومترابطة وتتصل خدمات دفع فواتير الماء والكهرباء والغاز بالإنترنت، ويعمل المرور ذاتيًا وكذا خدمات الأمن وأعمدة الإضاءة وري الحدائق.

والاهم انها ستكون ضمن الإجراءات الصديقة للبيئة، وتنتشر مساحات كبيرة خضراء في المدينة سواء داخلها أو خارجها من خلال حزام أخضر يمثل 10% من المساحة الكلية؛ لذا فإن نصيب الفرد من المسطحات الخضراء يصل إلى 15 مترًا مربعًا، وهو المقياس العالمي، وتعمل المدينة على زيادة استخدام الطاقة الشمسية، وهذا ما تم الالتفات إليه في محطات الطاقة في البنية الأساسية والمرافق العامة، وتعد هذه النقطة أمرًا مشتركًا مع مدن ذكية عديدة مثل العاصمة النمساوية فيينا التي لديها أكبر مصنع للكتلة الحيوية في العالم.
تحوي العاصمة على نهر بطول 35 كم مرتبط بجميع أنحاء العاصمة ليحاكي نهر النيل بالعاصمة القاهرة، ويعتبر مشروع نهر الحديقة هو أكبر محور أخضر في العالم، وتحتوي على حدائق ترفيهية ومركزية على مساحة 5 آلاف فدان، كما تضم أول مركز سيطرة وتحكم أمني وخدمات السلامة العامة من خلال 6 آلاف كاميرا موزعة على أنحاء العاصمة، كما ستحتوي العاصمة على مركز للمؤتمرات – مدينة طبية – مدينة رياضية – مدينة للمعارض – مدينة الفنون والثقافة على مساحة 27 1 فدانا.
و حديقة مركزية ”كابيتال بارك” تبلغ مساحتها حولي 1000 فدان بطول 10 كم أى أنها تعادل ضعف حجم حديقة ”سنترال بارك” الشهيرة بولاية نيويورك.
وسيتم ربط العاصمة الجديدة بشبكة خطوط السكة الحديد بجميع محافظات الجمهورية، ويخدم العاصمة مشروعان من أهم وابرز مشاريع النقل بمصر وهما القطار المكهرب، والمونوريل.
ان مشروع العاصمة الجديدة يتمتع بمزايا عديدة أبرزها الموقع الجغرافي الذي يحوى ودياناً وهضاباً وتضاريس أخرى ترسم معالم استثنائية وفريدة، وسوف تزود كل مناطق المدينة بالمرافق الحيوية الضرورية التي تخدم مختلف الاحتياجات، وسوف تصبح مقراً لعدد من المراكز منها مركز إداري وآخر للأعمال، بالإضافة إلى مركز ثقافي وآخر للتقنية والابتكار وغيرها.

أظهر المشروع مدى قدرات مصر الاقتصادية وإمكانياتها الضخمة فى تدشين أكبر مشروع، وكذلك خلفت العاصمة الإدارية الجديدة للسوق المصرى والشركات المستثمرة فى مصر فرص جديدة للنمو فى مختلف القطاعات من خلال توفير حجم مشروعات ضخمة فى مجالات التطوير العقارى والمقاولات فضلاً عن العديد من المزايا والفوائد الاقتصادية والاجتماعية والتنموية.

ختاما تمتلك الحكومة المصرية رؤية صحيحة وإدارة قوية لمواصلة تحقيق الاستثمارات بخطط زمنية واضحة وناجحة على الرغم مما واجهته الدولة من صعوبات وتحديات اقتصادية وعلاج لأزماتها فى السنوات الماضية بالتزامن مع الإصلاح الاقتصادي

وان العائد من تنفيذ مشروع العاصمة الادارية الجديدة، كبير جداً على المستوى الدولى والإقليمي والمحلي، حيث كان حلم مستحيل تنفيذه من وجهة نظر بعض الدول والمواطنين، من عائد المشروع، حيث تساهم العاصمة الإدارية فى زيادة حجم الاستثمارات العقارية فى مصر.
ويساهم المشروع في تفريغ القاهرة من التكدس الناتج عن حركة العاملين بالوزارات والجهات الحكومية، فيما ستتحول العاصمة التراثية والثقافية والتاريخية مقصداً سياحياً. وتهدف خطة المشروع إلى نقل الوزارات المصرية إلى المدينة الجديدة لتقليل الاحتقان المزمن في القاهرة التي يقطنها 18 مليون نسمة، ما يفتح آفاقا جديدة للتوسعة العمرانية الأفقية ويمهد الطريق نحو فكرة “الخروج من الوادي”.

وسيسهم دور العاصمة الإدارية في تنشيط قطاع المقاولات، وهو من أهم القطاعات الاقتصادية التى استفادت من مشروع العاصمة الجديدة مما اثر بالإيجاب على كافة الانشطة الاقتصادية، إذ يرتبط القطاع بغالبية الصناعات المصرية بخلاف أنه أكثر القطاعات توظيفاً للعمالة اليومية والمنتظمة، وأن العاصمة الجديدة جذبت العديد من شركات المقاولات الأجنبية خلال الفترة الماضية والتى دخلت السوق المصرى وضخت أموالاً كبيرة، وان مشروع العاصمة الجديدة سيخدم التنمية والنهضة الاقتصادية للبلاد برمتها، و أنها ستشكل منعطفاً استراتيجياً مهماً ستسمح للشعب المصري بالسير قدماً نحو تحقيق تطلعاته بحياة أفضل.

وجدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية