انطلاق كوب 28 بأولوية صندوق الخسائر والأضرار

انطلاق كوب 28 بأولوية صندوق الخسائر والأضرار

دبي – حققت الدورة الثامنة والعشرون لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ (كوب 28) انتصارا مبكرا الخميس بموافقة الوفود على إنشاء صندوق “الخسائر والأضرار” المناخية لتعويض الخسائر التي لحقت بالدول الأكثر تضررًا من تغيّر المناخ، وهو ما يمثل خطوة إيجابية في اتجاه تخفيف التوترات المتعلقة بالتمويل بين دول الشمال والجنوب تزامنًا مع المفاوضات بشأن الوقود الأحفوري.

وقال رئيس كوب 28 الإماراتي سلطان الجابر بعد اعتماد قرار “تشغيل” الصندوق “أهنئ الأطراف على هذا القرار التاريخي. إنه يبعث إشارة زخم إيجابية للعالم ولعملنا”. وأضاف “لقد كتبنا صفحة من التاريخ اليوم… السرعة التي فعلنا فيها ذلك غير مسبوقة، هائلة وتاريخية”.

وتتبقى معرفة قيمة الأموال التي ستُخصص لهذا الصندوق الذي سيتمّ إنشاؤه -في البداية- في البنك الدولي. وبدأت المساهمات المالية الأولى تتدفق: 225 مليون يورو (نحو 245 مليون دولار) من الاتحاد الأوروبي (بما في ذلك مئة مليون دولار سبق أن أعلنت ألمانيا تقديمها)، ومئة مليون دولار من الإمارات، وعشرة ملايين دولار من اليابان، و17.5 مليون دولار من الولايات المتحدة، وأربعون مليون جنيه إسترليني (نحو 50 مليون دولار) من بريطانيا.

140
من قادة العالم سيعتلون المنصّة في مدينة “إكسبو دبي” لإلقاء خطابات تهدف إلى إعطاء زخم سياسي للمفاوضات المعقّدة

وتمارس الدول المتطوّرة ضغوطًا لتوسيع قاعدة المانحين لتشمل الدول الناشئة الغنية مثل السعودية والصين. ورحّبت مادلين ضيوف سار، رئيسة مجموعة الدول الأقلّ تقدمًا التي تضمّ 46 من الدول الأشدّ فقرًا، بالقرار معتبرةً أنه يتضمن “معنى كبيرًا بالنسبة إلى العدالة المناخية”. لكنها أضافت أن “صندوقًا فارغًا لا يمكن أن يساعد مواطنينا”، في حين تُسجّل خسائر بقيمة مئات المليارات.

ومُنحت اعتمادات لأكثر من 97 ألف شخص (وفود ووسائل إعلامية ومنظمات غير حكومية ومجموعات ضغط ومنظمون وعاملون فنيون…)، أي ضعف العدد الذي سُجّل العام الماضي. ويُتوقع حضور نحو 180 رئيس دولة وحكومة بحلول 12 ديسمبر الجاري، موعد انتهاء المؤتمر، بحسب المنظمين. لكن غالبًا ما يتمّ تمديده يومًا أو يومين.

وقد يسهم الانفراج المبكر في إنشاء صندوق الأضرار، الذي طالبت به الدول الفقيرة على مدى سنوات، في تمهيد الطريق أمام تسويات أخرى سيجري التوصل إليها خلال القمة التي تستمر أسبوعين.

لكن بعض المجموعات توخت الحذر وأشارت إلى وجود مشكلات لم تُحل بعد ومن بينها كيفية تمويل الصندوق في المستقبل. وقال هارجيت سينغ، رئيس إستراتيجية السياسات العالمية لدى شبكة العمل المناخي الدولية، “غياب تحديد دورة الإمداد يطرح أسئلة خطيرة حول استدامة الصندوق على المدى البعيد”. وأضاف “تقع المسؤولية الآن على عاتق الدول الغنية لأداء الالتزامات المالية بصورة تتناسب مع دورها في الأزمة المناخية”.

وقال عدنان أمين، الرئيس التنفيذي للمؤتمر، إن الهدف هو تأمين مئات الملايين من الدولارات لصندوق الأضرار خلال الفعالية. وبعث البابا فرنسيس بابا الفاتيكان، الذي اضطُر إلى إلغاء حضوره كوب 28 بسبب مرضه، رسالة على منصة التواصل الاجتماعي إكس يقول فيها “ليكن المشاركون في كوب 28 واضعي إستراتيجيات يركزون على المصلحة المشتركة ومستقبل أبنائهم عوضا عن المصالح المشروعة لدول أو شركات بعينها. فليبرزوا نُبل السياسة، لا خزيها”.

وسيعتلي أكثر من 140 من قادة العالم المنصّة في مدينة “إكسبو دبي” الجمعة والسبت، بعد افتتاح أعمال المؤتمر الخميس، لإلقاء خطابات لا تتجاوز مدّتها بضع دقائق وتهدف إلى إعطاء زخم سياسي للمفاوضات المعقّدة التي ستخوضها الوفود على مدى أسبوعين.

وفي صدارة جدول أعمال المحادثات مستقبل مصادر الطاقة الأحفورية -الفحم والغاز والنفط- التي يُعتبر استخدامها السبب الرئيسي للاحترار المناخي والكوارث الناجمة عن ذلك.

وتستعد الحكومات لإجراء مفاوضات ماراثونية حول ما إذا كان من الواجب الاتفاق، للمرة الأولى، على التخلص التدريجي من استخدام العالم لمواد الفحم والنفط والغاز التي ينبعث منها ثاني أكسيد الكربون، وهو المصدر الرئيسي للانبعاثات المسببة لظاهرة الاحتباس الحراري العالمي.

وأقر الجابر في كلمته الافتتاحية بأن هناك “وجهات نظر قوية تتعلق بفكرة إدراج كلام بشأن الوقود الأحفوري ومصادر الطاقة المتجددة في النص محل التفاوض… أطالبكم بالعمل معا”. وأضاف “من الضروري عدم ترك أي قضية مطروحة على الطاولة. ونعم، كما قلت، يجب علينا أن نبحث عن طرق ونضمن إدراج دور الوقود الأحفوري”.

ونوه بقرار بلاده “التعامل بشكل استباقي” مع شركات الوقود الأحفوري، مشيرا إلى أن العديد من شركات النفط الوطنية اعتمدت أهداف الوصول إلى صافي انبعاثات صفر لعام 2050.

وقال الجابر “ممتن لأنهم صعدوا للانضمام إلى هذه الرحلة التي غيرت قواعد اللعبة… لكن يجب أن أقول إن هذا ليس كافيا، وأعلم أن بإمكانهم فعل المزيد”.

ومن المهام الرئيسية الأخرى في القمة أن تقوم الدول بتقييم التقدم الذي أحرزته في تحقيق أهداف المناخ العالمية، وعلى رأسها هدف اتفاق باريس المتمثل في الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري إلى أقل من درجتين مئويتين.

وينبغي لهذه العملية، المعروفة باسم “التقييم العالمي”، أن تسفر عن خطة رفيعة المستوى تخبر البلدان بما يتعين عليها أن تفعله. واعتبرت الموفدة الألمانية للمناخ جينيفر مورغان أن “من خلال النتائج سنقيّم رئيس مؤتمر كوب 28”.

وبدا الأمين التنفيذي لاتفاقية الأمم المتّحدة الإطارية بشأن تغير المناخ سيمون ستيل أكثر صراحةً عندما دعا العالم في خطابه إلى الدخول في “المرحلة النهائية من عصر الوقود الأحفوري كما نعرفه”.

العرب