ليبيا تتطلع إلى عودة النفط رغم الانقسام السياسي

ليبيا تتطلع إلى عودة النفط رغم الانقسام السياسي

تتطلع ليبيا إلى إعادة صناعة النفط إلى مسارها الصحيح والاستفادة من احتياطاتها النفطية الهائلة اقتصاديا واجتماعيا، لكن عدم الاستقرار السياسي يحول دون تحقق هذه التطلعات.

طرابلس – أعاق عدم الاستقرار السياسي إنتاج النفط في ليبيا، لكن البلاد حريصة على استعادة أهميتها في مجال الطاقة بهدف الوصول إلى مليوني برميل يوميا.
وتقول فيليسيتي برادستوك، كاتبة مستقلة متخصصة في الطاقة والمالية، في تقرير نشره موقع أويل برايس الأميركي، إنه على الرغم من التحديات، فإن احتياطيات النفط الكبيرة غير المستغلة في ليبيا تمثل فرصة كبيرة للنمو الاقتصادي وإنعاش قطاع الطاقة.

وعلى مدى العقد الماضي، كافحت ليبيا لإعادة صناعة النفط إلى المسار الصحيح بسبب الاضطرابات السياسية ونقص الاستثمار الأجنبي في هذا القطاع.

وأدت سنوات من الاضطرابات السياسية إلى خروج المستثمرين الأجانب من السوق، وتركت العديد من العمليات النفطية دون تغيير لسنوات، مما أدى إلى انخفاض إنتاج النفط.

و ترى برادستوك أن تحقيق مستويات عالية من إنتاج النفط مرة أخرى سيتطلب استثمارات كبيرة في أنشطة الاستكشاف والحفر وتجديد البنية التحتية وتطويرها.

ليبيا تتمتع بإمكانيات كبيرة لأنها تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، بحوالي 48.36 مليار برميل، لا يزال الكثير منها غير مستغل

وتم اكتشاف النفط لأول مرة في ليبيا عام 1959، وبعد ذلك دخل العديد من اللاعبين الأجانب السوق لتطوير أصول البلاد للتصدير.

وفي ظل حكم الرئيس الليبي الراحل معمر القذافي، شهدت صناعة النفط الليبية ارتفاعات وانخفاضات مع تحول العلاقات بين ليبيا والغرب بانتظام.

وفي أوائل العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، عندما رفعت الأمم المتحدة والولايات المتحدة العقوبات التي فرضتها على ليبيا، استأنفت العديد من شركات النفط الغربية الكبرى عملياتها في ليبيا، مما جذب المزيد من اللاعبين إلى المنطقة. وارتفع إنتاج ليبيا من النفط من 1.47 مليون برميل يوميا في عام 2000، إلى ما يقرب من 1.8 مليون برميل يوميا في عام 2010، وهو الاتجاه الذي كان من المتوقع أن يستمر.

وتبددت الآمال في سوق نفط مستقرة ومتنامية، عندما حدث الربيع العربي في عام 2011، وأعقبته سنوات من عدم الاستقرار السياسي. ومنذ ذلك الحين لم تتمكن أي حكومة من إعادة الصناعة إلى مجدها السابق.

و ينقسم النظام السياسي الليبي حاليًا بين حكومة الاستقرار الوطني التي تتخذ من الشرق مقراً لها، بقيادة أسامة حمادة، وحكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها، بقيادة عبدالحميد دبيبة، ومقرها طرابلس في الغرب.

وعلى الرغم من التوتر السياسي المستمر، فإن البلاد حريصة على إعادة صناعة النفط إلى المسار الصحيح للاستجابة لاحتياجاتها من الطاقة والاقتصاد.

وتعهد وزير النفط والغاز الليبي محمد عون خلال الشهر الجاري، باكتشاف “حقول جديدة للنفط والغاز”. وقال “لا تزال لدينا حقول لم يتم استكشافها بعد، بما في ذلك تلك الموجودة في البحر الأبيض المتوسط والمناطق الوسطى، حيث سيتم اكتشاف حقول جديدة للنفط والغاز”.

أكد فرحات عمر بن قدارة، رئيس المؤسسة الوطنية للنفط، على الدور المهم الذي لعبته الشركة النفطية المملوكة للدولة في تعزيز الإنتاج وتعزيز الشراكات مع الشركاء الدوليين في السنوات الأخيرة.

وبينما أقر عون بالتحديات الكبيرة التي تواجه صناعة النفط في البلاد، فإنه متفائل بشأن إمكاناتها.

وأوضح أن “الحكومات والقطاع الخاص والهيئات الدولية، بما في ذلك مجلس إدارة المؤسسة الوطنية للنفط، وبمساعدة مؤسسات الفكر والرأي العالمية، وضعت إستراتيجية طموحة مبنية على الاتجاهات العالمية ذات الصلة في مجال الطاقة”.

وقال إن الإستراتيجية تهدف إلى مساعدة ليبيا على استعادة وضعها السابق في مجال الطاقة بهدف رفع الإنتاج إلى مليوني برميل يوميا.

وتنتج ليبيا حاليا أكثر من 1.2 مليون برميل يوميا. وبما أن حوالي 90 في المئة من عائدات ليبيا تأتي من النفط، فمن الضروري أن تحقق ليبيا هذا الهدف.

وعلى الرغم من التفاؤل، لا تزال هناك العديد من التحديات، حيث أدت الاحتجاجات الأخيرة إلى توقف الإنتاج.

وفي وقت سابق من هذا الشهر، اضطرت المؤسسة الوطنية للنفط إلى إغلاق العمليات في أكبر حقل نفط في ليبيا بعد أن تظاهر المتظاهرون بسبب نقص الوقود.

وبعد حوالي أسبوع، هددت مجموعة أخرى من المتظاهرين بإغلاق منشأتين للنفط والغاز بالقرب من العاصمة طرابلس في حملة ضد الفساد. وطالب المتظاهرون بإقالة رئيس اللجنة الوطنية للنفط فرحات بن قدارة.

وفشلت ليبيا في السابق في تحقيق أهدافها النفطية بسبب الاضطراب السياسي وعدم القدرة على جذب المستويات المرغوبة من الاستثمار الأجنبي.

وفي عام 2017، أعلنت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا عن هدفها البالغ 2.2 مليون برميل يوميا لعام 2023، بسبب قضايا سياسية وسوء الإدارة القطاعية.

ومع ذلك، تتمتع ليبيا بإمكانيات كبيرة لأنها تمتلك أكبر احتياطيات نفطية في أفريقيا، بحوالي 48.36 مليار برميل، لا يزال الكثير منها غير مستغل.

وتدعم أوبك هدف ليبيا في تطوير صناعتها النفطية من خلال استبعادها من أي حصص. لكن ليبيا ستحتاج إلى مستويات أعلى بكثير من الاستثمار الأجنبي لإعادة صناعة النفط إلى مسارها الصحيح.

وبحسب عون، تحتاج المؤسسة الوطنية للنفط إلى ميزانية قدرها 17 مليار دولار لرفع إنتاج البلاد من النفط إلى مليوني برميل يوميا خلال السنوات الثلاث إلى الخمس المقبلة.

وسيوجه هذا التمويل نحو زيادة الإنتاج في حقول النفط التابعة للمؤسسة الوطنية للنفط، فضلا عن الحفاظ على البنية التحتية الرئيسية، مثل خطوط الأنابيب.

و تم تركيب بعض خطوط الأنابيب في البلاد في الستينيات، وتتطلب عملاً كبيرًا أو استبدالًا لضمان طول عمرها.

وأدى الصراع الذي شهدته ليبيا في السنوات الأخيرة أيضًا إلى تدمير حوالي 70 في المئة من سعة تخزين النفط في البلاد، والتي ستحتاج إلى إعادة البناء.

وتشعر ليبيا بتفاؤل كبير بشأن مستقبل صناعتها النفطية، مع وجود إمكانات هائلة لاستكشاف الاحتياطيات غير المستغلة وزيادة الإنتاج. ومع ذلك، هناك العديد من التحديات التي تقف في طريقها.

ولا تزال البلاد منقسمة سياسيا، الأمر الذي لا يزال يمنع المستثمرين الأجانب من الالتزام بمشاريع جديدة.

وعلاوة على ذلك، تتطلب بنيتها التحتية المتقادمة مبالغ هائلة من التمويل حتى تتمكن من الارتقاء بها.

ومع ذلك، من المرجح أن تستمر ليبيا في الاعتماد بشكل كبير على النفط لتحقيق إيراداتها، مما يعني أنها يجب أن تسعى إلى تحقيق قدر أكبر من الاستقرار في قطاعها النفطي لجذب مستويات أعلى من الاستثمار لدعم الأمن الاقتصادي للبلاد.

العرب