أنقرة – يسابق الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الزمن لتحقيق مكاسب ميدانية في شمال العراق وسوريا ضد ميليشيات كردية لتوظيفها كنقاط قوة لصالحه، خلال الانتخابات الرئاسية والبرلمانية المبكرة التي من المقرر أن تعقد أواخر الشهر الجاري.
لكن المعضلة الكبرى التي ستواجهه تتمثل في ضيق الوقت. وبعد تجربة استنزاف طويلة للاستيلاء على مدينة عفرين في أقصى شمالي غرب سوريا هذا العام، كثف الجيش التركي من عملياته في شمال العراق. وقالت مصادر عسكرية إن الجيش التركي أقام 11 قاعدة عسكرية جديدة داخل الأراضي العراقية لتعقب مقاتلي حزب العمال الكردستاني، الذي تصنفه أنقرة تنظيما إرهابيا.
وتحيط هذه القواعد بجبال قنديل، وهي منطقة وعرة تقع في شرق إقليم كردستان العراق، ويتخذ منها حزب العمال الكردستاني مقرا لقيادته. وتلقت المنطقة ضربات جوية مكثفة من قبل الجيش التركي، لكنها لم تؤثر بشكل واقعي على القدرات العملياتية العسكرية للحزب.
وتتركز القواعد العسكرية التركية حول مدن سنجار في الشرق، ودهوك وبعشيقة في الوسط، وهاركوك في أقصى غرب إقليم كردستان العراق. كما قام الجيش بإنشاء منطقة عازلة بعمق 16 ميلا داخل الأراضي العراقية، تمتد من الحدود السورية مع العراق في أقصى الشمال، وصولا إلى الجهة العراقية المقابلة لمدينة هاكاري التركية، على الجانب الآخر من الحدود.
وقال رئيس الوزراء التركي بن علي يلدريم “ضاعفنا وجودنا في شمال العراق، بهدف القضاء على الإرهاب قبل أن يتمكن الإرهابيون من التسلل إلى حدودنا”.
لكن دوافع هذه العملية لا تبدو أمنية فقط منذ الوهلة الأولى. ويأمل أردوغان من خلال تحقيق انتصار على حزب العمال الكردستاني في شمال العراق أن يحظى بتأييد شعبي في انتخابات ترتكز على متاعب اقتصادية تسببت فيها سياساته الاقتصادية الخاطئة.
ويعول أردوغان على الانتخابات كثيرا في إقرار تعديلات دستورية وافق عليها الأتراك في استفتاء أبريل 2017، وتحول تركيا من نظام الحكم البرلماني إلى النظام الرئاسي.
ويقول ماكس هوفمان، المحلل في مركز “ذي سنتر فور أميركان بروغريس″ إن أردوغان “يمتلك تاريخا من الاعتداء العسكري على الخارج، ولا سيما عندما يرى تهديدا انتخابيا يلوح في الأفق”.
وخلال توغله داخل الأراضي العراقية، مد الجيش التركي طرقا جديدة مؤدية لقواعده العسكرية هناك، كما أقام أيضا نقاط تمركز في منطقة شمالي مدينة دهوك، بعد طرد قوات حزب العمال الكردستاني بضربات جوية كانت تشنها القوات التركية تقريبا بشكل يومي.
وتقع جميع القواعد العسكرية التركية الجديدة في الأراضي التي يسيطر عليها الحزب الديمقراطي الكردستاني بزعامة مسعود البارزاني، القوة السياسية الرئيسية في المنطقة والتي ترتبط أمنيا بشكل وثيق مع تركيا. أما الاتحاد الوطني الكردستاني فيعارض وجود تركيا هناك.
وتقع قرابة 700 قرية في المنطقة التي يسيطر عليها حزب العمال الكردستاني. وقال مصدر في الاتحاد الوطني الكردستاني عن هذه المسألة “إذا هاجمت تركيا، فإنها ستتسبب في حدوث أزمة لاجئين أخرى”.
وليست الأراضي العراقية وحدها ساحة تجميع النقاط الانتخابية بالنسبة لأردوغان، لكن المعركة مع الأكراد تمتد إلى شمال سوريا أيضا.
ولاقت عملية غصن الزيتون، التي انطلقت في يناير الماضي، واستهدفت وحدات حماية الشعب الكردية، دعما من قبل جميع الفئات حتى من خصوم أردوغان.
وعلق أصحاب المتاجر في مراكز المدن التركية لافتات الدعم، وأصبحت جنازات الجنود الأتراك، الذين قُتلوا خلال العملية، مناسبات عامة ضخمة استلزمت خروج الآلاف من الأتراك للمشاركة فيها.
وكنتيجة لذلك، سارع أردوغان للاستفادة من موجة الحماس القومية بعد إعلانه الانتصار في مارس الماضي، من خلال زيارته للقوات على الحدود السورية محاطا بنجوم الموسيقى والتلفزيون.
والثلاثاء، أعلن وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو توصل تركيا والولايات المتحدة إلى اتفاق حول مدينة منبج المتنازع عليها. لكن لم ينشر أي من الطرفين بنودا محددة للاتفاق ولم يحددا جدولا زمنيا لتطبيقه.
العرب