وزير الطاقة السعودي: إذا كانت هنالك تحفظات لدى أية دولة فلماذا سكت عنها سابقا؟

وزير الطاقة السعودي: إذا كانت هنالك تحفظات لدى أية دولة فلماذا سكت عنها سابقا؟

قال وزير الطاقة السعودي، الأمير عبدالعزيز بن سلمان، إن هناك شبه إجماع من كافة دول تحالف “أوبك+” على زيادة الإنتاج بمعدل 400 ألف برميل يومياً، اعتباراً من أغسطس (آب) المقبل، والمقترن بتمديد اتفاق التحالف حتى نهاية 2022، باستثناء دولة الإمارات التي تعترض على خطة التمديد.

وأوضح أن التوافق موجود بين دول “أوبك+” ما عدا دولة واحدة. وأضاف: “لست متفائلاً ولا متشائماً باجتماع أوبك+ المرتقب… أحضر اجتماعات أوبك+ منذ 34 عاماً ولم أشهد طلباً مماثلاً”. ولفت الوزير السعودي إلى أنه “لا يمكن لأية دولة اتخاذ مستوى إنتاجها في شهر واحد كمرجعية… أمثل دولة متوازنة تراعي مصالح الجميع في دورها كرئيسة لأوبك+، السعودية أكبر المضحّين ولولا قيادتها لما تحسنت السوق النفطية… وإذا كانت هناك تحفظات لدى أية دولة فلماذا سكت عنها سابقاً؟”.

وأوضح في تصريحات لوسائل إعلام عربية، أن تمديد اتفاق “أوبك+” هو الأصل في اقتراحنا وزيادة الإنتاج هي الفرع، ولا بد من توجيه رسائل واضحة للسوق النفطية ولمدة طويلة، وزيادة الـ 400 ألف برميل شهرياً لا تكفي لإنهاء التخفيضات في أبريل (نيسان) 2022.

وأضاف: “نحن وروسيا شريكان في اقتراح تمديد اتفاق أوبك+ وزيادة الإنتاج، هناك آلية متبعة للتظلمات في أوبك+ أما الانتقائية فصعبة، ولا علم لي أن هناك دولة اعترضت على حصتها في اجتماع مارس (آذار) 2020”.

ضبط توازن السوق

وزير الطاقة السعودي أشار إلى أن الطاقة الإنتاجية للسعودية تصل إلى 13 مليون برميل، بحسب ما أعلنت في أبريل 2020، لكنها التزمت بتوافق التحالف بحجم الخفض المطلوب، إضافة إلى خفض طوعي يصل متوسطه إلى 400 ألف برميل يومياً منذ بداية الاتفاق، مساهمة منها في دعم استقرار أسواق النفط التي انهارت خلال الربع الأول من العام الماضي، نتيجة تداعيات فيروس كورونا على الاقتصاد العالمي.

وأوضح أن الاجتماع الشهري للتحالف يهدف إلى ضبط توازن الأسواق، وحين تم الاتفاق مع روسيا على مقترح السعودية بزيادة الإنتاج بهذا الحجم، تم الأخذ في الاعتبار ثلاثة تحديات تتمثل في زيادة إنتاج فنزويلا، وعودة النفط الإيراني للأسواق، وأخيراً مخاطر عودة الإغلاقات الاقتصادية بسبب تحور الفيروس، مشيراً إلى أن المرونة موجودة في سبتمبر (أيلول) سواء بالخفض أو استمرار الزيادة بالوتيرة نفسها.

كان وزير الطاقة والبنية التحتية في الإمارات، سهيل المزروعي، قد كشف في تصريحات حديثة، أن بلاده تؤيد ضرورة زيادة الإنتاج بدءاً من شهر أغسطس حتى نهاية أبريل من عام 2022، لكنها لا توافق على التمديد المشروط باتفاقية جديدة، ومن حقها أن تطالب بمراجعة إنتاجها ومساواتها بجميع الدول، وبالتالي يجب فصل قرار التمديد عن قرار الزيادة. وأكد أن بلاده تتمسك بحقها السيادي في مناقشة الاتفاقات الجديدة، مشيراً إلى أن الاتفاقية الحالية تنتهي في أبريل المقبل، ويمثل التمديد حتى نهاية 2022 اتفاقاً جديداً لابد أن يخضع لموافقة الأطراف كافة بالشروط التي تناسبها.

زيادة حذرة

ومن المقرر أن يستأنف أعضاء منظمة “أوبك” وحلفاؤها، المعروف بـ”أوبك+”، الإثنين الخامس من يوليو (تموز)، المحادثات بشأن إصدار القرار الخاص بكمية الإنتاج النفطي لعام 2021، في ظل تعافي السوق النفطية بعد وباء كورونا، وخشية الدول المستهلكة من تأثير ارتفاع الأسعار مع تجاوز سعر البرميل 76 دولاراً.

ويواجه التحالف المكون من 23 دولة، بقيادة السعودية وروسيا، بعض الصعوبات هذه المرة، والتي تتعلق بتحقيق التوافق والتغلب على تباين الخلافات بين الأعضاء لا سيما في ظل إصرار البعض على إجراء زيادات واسعة في الإمدادات. لكن في المقابل، جاءت تحفظات البعض الآخر بالتمسك بزيادة إمدادات النفط بشكل حذر تبعاً لتطورات وضع الطلب، لا سيما مع تجدد المخاوف في السوق من متحور “دلتا” الفيروسي الجديد الذي يتمتع بقدرة هائلة على الانتشار.

وبينما يؤيد معظم أعضاء “أوبك+” اقتراحاً بإضافة 400 ألف برميل يومياً، اعتباراً من أغسطس وحتى نهاية العام الحالي، وتمديد اتفاق التحالف الأوسع نطاقاً إلى نهاية عام 2022، ترغب الإمارات في فتح نقاش حول زيادة في مستويات الإنتاج قبل الموافقة على التمديد إلى ما بعد أبريل، وتضغط لتغيير خط الأساس المستخدم لحساب حصتها، التي تقول إنها غير عادلة، مؤكدة أنها لن تدعم التمديد المقترح ما لم يوافق الآخرون على تغيير خط الأساس. وهي خطوة من شأنها أن تسمح بضخ 700 ألف برميل إضافية يومياً من الإمارات.

وفي بيان رسمي نشرته وكالة الأنباء الإماراتية، قالت الإمارات، إن السوق العالمية في الفترة الحالية بحاجة ماسّة لزيادة الإنتاج، وتؤيد هذه الزيادة للفترة بين أغسطس إلى ديسمبر (كانون الأول) من دون أيّ شروط. وأكدت أنها كانت دائماً من أكثر الأعضاء التزاماً باتفاقيات “أوبك” و”أوبك+”، وخلال الاتفاقية الحالية الممتدة لعامين تعدّى التزامها 103 في المئة. مشيرة إلى أنها كانت داعمة لزيادة الإنتاج في أشهر مايو (أيار)، ويونيو (حزيران)، ويوليو من هذا العام، والتي لم تكن مرتبطة بأيّ شروط. وأضافت: “نحن نؤيد بالكامل أيّة زيادة غير مشروطة في أغسطس”.

وتابعت: “للأسف، طرحت اللجنة الوزارية لأوبك+ خياراً واحداً فقط، وهو زيادة الإنتاج، مشروطاً بتمديد الاتفاقية الحالية إلى ديسمبر 2022، وهي اتفاقية غير عادلة للإمارات من ناحية نقطة الأساس المرجعية لحصص الإنتاج”. وأكدت أن الاتفاقية الحالية تستمر حتى أبريل 2022، والإمارات لا تمانع تمديدها إذا لزم الأمر، لكنها طلبت مراجعة نسب شهر الأساس لمرجعية التخفيض، لضمان عدالة الحصص لجميع الأعضاء عند التمديد.

وفي الوقت نفسه، كشف بنك “أوستريا” النمساوي، أنه بعد يومين صعبين من المفاوضات، تأخر اتفاق منظمة أوبك والدول الشريكة لها على استراتيجية إنتاج جديدة، بدءاً من أغسطس المقبل، بسبب تباين وجهات النظر في تحالف “أوبك+”حتى الآن، حول الدولة التي سيسمح لها بدعم الإمدادات بشكل أكبر في المستقبل.

وأوضح أنه في ضوء الانتعاش الاقتصادي المتوقع وتداعيات كورونا المستمرة، تخطط “أوبك+” بشكل أساسي لزيادة الإنتاج تدريجياً من الشهر المقبل وحتى نهاية العام، مرجحاً أن يتم تقريب وجهات النظر في ختام المفاوضات. ومن المتوقع أن تقوم السعودية كعادتها بدورها الريادي في السوق للحفاظ على توازن السوق وضمان عدم تجدد تخمة المعروض في الأسواق.

وأشار إلى تمسك الرياض وهي أكبر منتج للنفط الخام في “أوبك” بزيادات إنتاجية حذرة، وقناعتها بضرورة عدم التسرع فيما يخص توسيع الإنتاج، بينما روسيا التي تقود شركاء “أوبك” المستقلين في التعاون المشترك تدعو إلى استراتيجية إنتاجية أكثر تحرراً، لكنها توافق على التمسك بزيادة حذرة في الإنتاج، إذ يراقب تحالف المنتجين في “أوبك+” المتغيرات الفيروسية الأكثر عدوى وعواقب مساعدات كورونا الضخمة على الميزانيات الوطنية.

موقف الإمارات يقود إلى مناقشات ساخنة

في الوقت نفسه، أفاد محللون لدى مجموعة “دويتشه بنك” الاستشارية، بأن المناقشات تعقّدت بسبب تحفظات الإمارات في اللحظة الأخيرة على صفقة سعودية – روسية تم التوصل إليها في وقت سابق، وهي التمديد حتى نهاية 2022. وتصر الإمارات على رفع خط الإنتاج الأساسي بمقدار 600 ألف برميل يومياً إلى 3.8 مليون برميل، ما يسمح لها بزيادة الإنتاج من جانب واحد ضمن الحصة الحالية.

وفي هذا الشأن، قال طلال البذالي، الأكاديمي في كلية هندسة البترول في جامعة الكويت، ومحلل أسواق النفط العالمية، إن اجتماع “أوبك+” سيشهد مناقشات ساخنة وسط عدم موافقة الإمارات، ومطالبتها بزيادة حصتها من الإنتاج وتغيير سنة الأساس المرجعي. وذكر أنه في حال إصرار الإمارات على موقفها، من المتوقع ألا يتوصل الاجتماع لاتفاق وصعود الخلافات.

وتوقع أن ترتفع أسعار الخام مع عدم التوصل لاتفاق، مؤكداً أن أي خلل في المنظمة قد يؤدي إلى ارتفاع أسعار النفط، والسوق حالياً ترجح أن “أوبك+” تخفض أسعار النفط عبر زيادة الإنتاج، فإذا لم يحدث ذلك فإن رد الفعل الطبيعي لعدم الاتفاق هو ارتفاع الأسعار.

وقال المتخصص في شؤون النفط، خالد بودي، إن التوافق على زيادة الإنتاج من عدمه أهم محور في النقاش في اجتماع “أوبك+”، وأن يتم في حال التوافق ضخ هذه الزيادة إن تم الاتفاق عليها مرحلياً، حتى لا تحدث تخمة مفاجئة في سوق النفط عند ضخها دفعة واحدة، ما يضغط على الأسعار ويؤدي إلى تراجعها. وأضاف أن القرار بخصوص سقف الإنتاج في الاجتماع الأخير تم تداوله من قبل غالبية الأعضاء ولكن تم ترحيله لاستكمال النقاش، ما يظهر أن هناك توجهاً كبيراً لرفع الإنتاج، ولكن لم يتم الاتفاق على حجم الزيادة في الإنتاج.

وتابع: “إذا رجّحت كفة الداعين إلى رفع الإنتاج مرحلياً في الاجتماع المقبل، فذلك يتطلب مراقبة ردة فعل الأسواق بعد كل زيادة، وبناء على ذلك تعدل كمية الزيادات المقررة أو إيقافها بناء على حركة الأسعار بعد زيادة الإنتاج”. وأشار إلى أهمية سعي منظمة أوبك إلى إحداث توازن بين العرض والطلب قدر الإمكان حتى تستقر أسعار النفط، وهذا أمر وارد عبر تعديل حجم الإنتاج لإحداث هذا التوازن.

مستويات مرغوبة للأسعار

من جانبه، قال أحمد حسن كرم، محلل أسواق النفط العالمية، إنه على الرغم من الارتفاع الملحوظ لأسعار الخام في الآونة الأخيرة، إلا أنها لم تصل بعد للمستويات المرغوبة للدول المنتجة النفطية، وخصوصاً الدول التي تعتمد موازناتها العامة بشكل كلي عليها. وأضاف: “ربما سنرى أيضاً خلافات حادة من شأنها العمل على ضياع القرار الموحد المجتمع من المنظمة، وعليه ستقرر الدول المنتجة وحدها كمية إنتاجها من دون الرجوع للمنظمة… الجميع يترقب ماذا سيحدث وما الاتفاقات أو القرارات المصيرية التي سيتخذها التحالف؟”.

وأوضح أن المستويات الحالية لأسعار النفط لازالت منخفضة لمعادلة موازنة بعض الدول الأعضاء في الأوبك وربما الشركات النفطية العالمية، مشيراً إلى أن كل التوقعات تنصب على أن اجتماع “أوبك+” سيقرر تمديد القرارات الأخيرة التي بشأنها رفعت أسعار الخام مؤخراً، لكن ربما هذا القرار سيعمل على نشوب خلافات داخلية ترى عكس ذلك، ولها آراء مغايرة أو محايدة تنحاز لاستقرار الأوضاع الاقتصادية للدول الصناعية المستهلكة للنفط.

من ناحية أخرى، وفيما يخص أسعار النفط الخام في ختام الأسبوع الماضي، فقد تباينت خلال تداولات الجمعة وسط ترقب لقرار “أوبك+” بشأن سياسة إنتاج الخام في الفترة المقبلة. وبنهاية تعاملات الأسبوع، زاد سعر العقود الآجلة لخام برنت القياسي- تسليم سبتمبر 32 سنتاً أو 0.42 في المئة إلى 76.16 دولاراً للبرميل، فيما تراجع خام غرب تكساس الوسيط الأميركي بشكل طفيف 4 سنتات، أو 0.05 في المئة.

اندبندنت