ارتفاع الأسعار وعدم وضوح استراتيجية الأمن الغذائي يقلقان المواطن العراقي

ارتفاع الأسعار وعدم وضوح استراتيجية الأمن الغذائي يقلقان المواطن العراقي

 

الباحثة شذى خليل*

يُعد العراق من أغنى بلدان العالم بالنفط وأكثرها دعما لأسعار السلع الغذائية الأساسية، لكن البلد يعاني من ارتفاع أسعار المواد الغذائية بعد أزمة كورونا واندلاع الحرب في أوكرانيا، وشمل هذا الارتفاع بشكل عام المواد الغذائية الأساسية مثل القمح وزيت الطبخ. وحتى الخضروات ، مما سبب قلقاً للمواطن العراقي.

وكما هو معروف العراق بلد غني بموارده النفطية، كيف لأزمة كهذه أن تضرب بهذه القوة حيث تبلغ عائدات العراق النفطية نحو 8,5 مليار دولار في شهر فبراير/ شباط الماضي لوحده، فكيف الحال بالبلدان العربية الفقيرة .
حذر البنك الدولي من أن ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء يفاقم مخاوف الأمن الغذائي في الشرق الأوسط ففي العراق، اكد خبراء الاقتصاد أن الأمن الغذائي في العراق يتأثر حالياً بعوامل خارجية، وهي تلك التي تتعلق بالأزمة الأوكرانية، إذ تعود أسباب ارتفاع الأسعار إلى قلة العرض وتعثّر عمليات الاستيراد من روسيا وأوكرانيا، وصعوبة إيجاد بدائل للاستيراد، كما يتأثر الأمن الغذائي في العراق بعوامل داخلية تتمحور حول سوء الإدارة الاقتصادية التي ألقت بظلالها على الوضع الاقتصادي بشكل عام، وأدت إلى زيادة الأسعار، “ليست هناك استراتيجية واضحة لتأمين الأمن الغذائي في العراق فيما يخص عملية إدارة تخزين المحاصيل والاستيراد”، هذه العوامل أدت إلى ارتفاع أسعار السلع الأساسية.

وهناك مخاوف من زيادة الحاجة إلى المواد الغذائية بسبب زيادة الطلب وقلة العرض، بالإضافة الى وجود طبقة احتكارية تتحكم بالسوق و المخزون، كل هذه العوامل الداخلية أسهمت في ارتفاع أسعار السلع الأساسية.
وتعرّف منظمة الأغذية والزراعة الدولية (فاو) الأمن الغذائي بأنه زيادة إنتاج المحاصيل الزراعية لتلبية احتياجات الاستهلاك المحلي من السلع الغذائية إحدى المقومات الرئيسية للأمن الغذائي، لتأمين حاجة المواطنين بصورة مستمرة من أجل حياة صحية ونشيطة”، فأساس تحقيق الأمن الغذائي هو ديمومة وجود المواد الغذائية.
وبين المستشار الاقتصادي مصطفى البزركان أن العراق لا يملك خطة استراتيجية لضمان الأمن الغذائي، مندداً “بعدم وجود وفرة ومخزون طوارئ لمواجهة أي أزمة أو زيادة غير معتادة في الطلب، على سبيل المثال لا يوجد تخزين استراتيجي من القمح أو الحبوب وكذلك من السلع الغذائية المطلوبة.

ويوضح أن الحرب في أوكرانيا مهّدت الفرص للتجار للمضاربة برفع أسعار السلع الأساسية (الطحين والسكر والزيوت)، معتقداً أن العوامل التي يُروّج لها كأسباب أدت إلى ارتفاع الأسعار في العراق، هي “أسباب واهية” كون البلد وبحسب تصريح المتحدث باسم وزارة التجارة، لا يستورد القمح من أوكرانيا وروسيا، بل إنه يعتمد على القمح المستورد من أستراليا وكندا والولايات المتحدة الأميركية.
دور الحكومة العراقية في حل الأزمة الغذائية ، يرى وزير النقل الأسبق عامر عبد الجبار أن الأمن الغذائي في العراق في انخفاض دائم مع استمرار الأزمة الأوكرانية، ويشدد على دور الحكومة في معالجة أزمة ارتفاع الأسعار، لا سيما أسعار المواد الغذائية عن طريق “تخصيص فارق سعر النفط المخمن ضمن موازنة 2021 وهو 45 دولاراً، والسعر الحالي البالغ أكثر من 100 دولار للبرميل”، وهو يرى أن فارق السعر لعشرة أيام فقط سيكون كفيلاً بمعالجة أسباب ارتفاع أسعار المواد الغذائية.
دعم البطاقة التموينية، الخبيرة الاقتصادية سلام سميسم، تقول إنه من المهم زيادة المعروض من المواد الغذائية، فلا بد للدولة من أن تتدخل كمجهز رئيس للمواد الغذائية ضمن نظام البطاقة التموينية، ويجب أن تكون الحصة التموينية منتظمة ومستمرة بالوصول إلى المواطن كل شهر، كون مشروع البطاقة التموينية شهد الكثير من الخروقات بعد 2003 ويتم إيصالها للمواطن كل ثلاثة أشهر، حيث يحصل المواطن من خلالها على مادة واحدة أو اثنتين، “تجهيز البطاقة التموينية بكامل مفرداتها سيسهم في رفع الغبن عن الطبقات الفقيرة .

ومن الحلول التي يجب ان تدعمها الحكومة العراقية في حل الازمة بشكل جذري دعم القطاع الزراعي ، وتشجيع وزيادة الوعي للتركيز على هذا القطاع الأساسي لديمومة الحياة واساس الامن الغذائي، اذ يجب القضاء على المشاكل الزراعية ومن أبرزها الجفاف ويقول بعض المختصين ، لا نستطيع زراعة دونم واحد من دون موافقة وزارة الموارد المائية بسبب شح المياه، ولاجتياز المشكلة يجب إعطاء قروض للفلاحين من البنك المركزي العراقي لشراء منظومات الري الاقتصادية”.
إن “المبالغ التي صرفت لوزارة الزراعة هي ربع المبلغ المقرر لها في موازنة 2021، مما أدى إلى رفع الدعم بالكامل عن الفلاح، وهذا ما تسبب بتناقص القمح، ولو بقي الدعم كما كان سابقاً لكنا حققنا إنتاجاً جيداً”.
دعم الصناعات المحلية ، ويجب ان نضع الخطط الاقتصادية الاستثمارية المدروسة لتوجيه الاقتصاد وتتدخل بشكل كامل مثلما كانت الأنظمة الاشتراكية مساهمة في النشاط الاقتصادي، وأن توفر بيئة ناجحة لجميع القطاعات التي تسهم في رفع المستوى الاقتصادي للبلد ودعم الإنتاج المحلي الذي سيؤدي إلى خلق فرص عمل لأبناء البلد، ويسهم في بناء بنية أساسية للمستقبل،

ختاما.. تبقى الكثير من المشاكل في الاقتصاد العراقي، ما لم تأتي الحلول سيشهد الوضع في البلد أزمات متكررة، لا يتحملها المواطن البسيط، الازمات الاقتصادية سبب كافي لخلق أزمات سياسية.
إذ هناك نسبا عالية من الفقر والبطالة بالإضافة الى ارتفاع التضخم، إذ حسب وزارة العمل هناك حوالي 10 ملايين شخص تحت خط الفقر، وبالتالي يتطلب جهد كبير من الدولة العراقية لاتخاذ إجراءات سريعة لحل ازمة ارتفاع الأسعار، كل هذه مؤشرات لا تبشر بخير في المستقبل القريب.

وحدة الدراسات الاقتصادية / مكتب شمال امريكا

مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية