المشهد السياسي الإيراني – ما هو غير متوقع أن يتغير في انتخابات يوم الجمعة

المشهد السياسي الإيراني – ما هو غير متوقع أن يتغير في انتخابات يوم الجمعة

IranMajlisParliamentRTR278WP-639x405

يتكهن البعض أن القيادة الجديدة في إيران يمكن أن تغيّر الاتجاه السياسي الذي تسير عليه البلاد – ومعادلة القوة في الشرق الأوسط – عن طريق إعادة صياغة السياسة الخارجية والإقليمية التي تتبعها طهران. فتأثير الانتخابات الإيرانية للبرلمان و «مجلس الخبراء»، وهي الهيئة الدينية التي تعيّن المرشد الأعلى، التي تجري في السادس والعشرين من شباط/فبراير، من المرجح أن يكون أقل حدّة على المدى القصير، ولكن مع وصول الجيل القادم إلى سدة الحكم، [من المتوقع] حدوث المزيد من التغيير وسيكون لذلك أثراً أكثر بعداً. وفيما يلي بعض الأمور التي يمكن توقعها على المدى القريب والتي لا يمكن التنبؤ بها على الأغلب في الجمهورية الإسلامية.

سوف تعكس الانتخابات الإيرانية إلى حد كبير [محصلة] الانتخابات السابقة، كونها غير حرة ولا نزيهة. وقد تم فحص المرشحين عن كثب ومن المتوقع أن تدعم النتائج التركيبة المحافظة غالباً في البرلمان و «مجلس الخبراء». بالإضافة إلى ذلك، سوف يستمر المنتصرون في الاعتماد بشكل كبير على المؤسسات العسكرية، وعلى وجه الخصوص «فيلق الحرس الثوري الإسلامي». وسيبقى المعتدلون مهمّشين في هذا الترتيب وسيواجهون ضغوطاً مكثفة من قبل زملائهم المتشددين.

وقد يتوقع الرئيس حسن روحاني مواجهة بعض التحديات لقدرته على الاستمرار باتباع سياسته الحالية. فمن المؤكد أنه سيتم اختبار حملة إعادة انتخاب الرئيس في عام 2017 من خلال القيود المشددة المفروضة على الحريات السياسية والإعلامية، فضلاً عن مشاعر الإحباط الاقتصادية المستمرة التي تفاقمت بسبب الفساد الهيكلي و[تأثير] الجماعات غير المنظمة التي تدعمها الدولة. ومن المرجح أن يستمر عدم الاستقرار الاقتصادي على الرغم من تخفيف العقوبات المرتبطة بالاتفاق الدولي بشأن البرنامج النووي الايراني.

لقد انتُخب السيد روحاني في عام 2013 بفضل التعبئة الجماهيرية ودعم المرشد الأعلى آية الله علي خامنئي، وبدافع الشعور بأن بإمكان السيد روحاني التعامل مع المحادثات النووية والحصول على مساعدات مالية للجمهورية الإسلامية. وحيث حقق السيد روحاني تنفيذ الاتفاق النووي، ليس هناك ما قد يدفع المرشد الأعلى إلى مواصلة دعمه في ظل الضغط الهائل الذي يواجهه من قبل المتشددين.

ومن جانبهم، قد يكون لدى الإصلاحيين في إيران وسائل أقل لدعم السيد روحاني مما كان لديهم في عام 2013. وقد ركّز الرئيس الإيراني معظم طاقته على الاتفاق النووي. ولم يُحسّن الوضع السيئ لحقوق الإنسان في إيران ولم يعمل على الإفراج عن زعماء “الحركة الخضراء” بعد مرور أكثر من أربع سنوات على وضعهم في الإقامة الجبرية. وخلال فترة ولايته، استمرت الأجهزة العسكرية والاستخباراتية بقمع النشطاء السياسيين بصورة قوية وفعالة. وقد وصف مؤخراً نائب رئيس البرلمان السابق والإصلاحي البارز محمد رضا خاتمي، حكومة السيد روحاني بأنها “الحكومة الأكثر وحدة التي عرفتها الجمهورية الإسلامية من أي وقت مضى”.

وفي عام 2017 سوف يحتاج المرشحون للرئاسة إقامة علاقات قوية مع المرشد الاعلى وأجهزته [المختلفة]، وخاصة «الحرس الثوري»، ومن المرجح أن ينجحوا من خلال طمأنة هذه الكيانات بعدم تقويض مصالحهم السياسية والاقتصادية.

وقد لمّح آية الله خامنئي البالغ من العمر 77 عاماً مراراً وتكراراً بأنه يتوقع أن يعيّن «مجلس الخبراء» المقبل خلفاً له. هذا وتُجرى الانتخابات في إيران لمنصب الرئاسة والبرلمان والمناصب البلدية و«مجلس الخبراء». إن مؤسسة المرشد الأعلى – مع مبادئها الشرعية الإلهية وسلطتها المطلقة على السلطة القضائية والقوات المسلحة والمخابرات والإعلام والكيانات السياسية والاقتصادية – هي التي تمنع بروز نظام ديمقراطي حقيقي في إيران. كما أن «مجلس صيانة الدستور»، هو كيان آخر يقع تحت سيطرة المرشد الأعلى والهيئة التي تشرف على الانتخابات، وقد شدد على عملية التأهيل ومنع العديد من المرشحين غير المحافظين من الترشح.

وترى الحكومة الإيرانية نفسها ليس فقط كطرف سياسي بارز في المنطقة فحسب، بل كحامية المسلمين الشيعة في جميع أنحاء العالم أيضاً. وفي هذا الترتيب، فإن المرشد الأعلى هو بمثابة سلطة دينية وسياسية عليا. بيد، هناك شخصية شيعية واحدة قيّدت من الهيمنة الدينية لآية الله خامنئي وهي: آية الله علي السيستاني، رجل الدين الإيراني الذي يقيم منذ عقود في مدينة النجف الشيعية المقدسة في العراق. ويضم أتباع آية الله السيستاني الملايين من الشيعة في جميع أنحاء العالم، ويساعد وجوده في العراق، وإلى حد ما، على احتواء تدخل إيران في شؤون جارتها.

لكن آية الله السيستاني هو في السادسة والثمانين من عمره  وليس لديه وريث ينقل إليه سلطته الدينية وأصوله المالية. وستشكل وفاته نهاية لجيل من آيات الله عابر للحدود تحكّموا بالنفوذ السياسي إلا أنهم لم يكونوا مقيّدين بالولاء لأي كيان سياسي معروف أو مؤسسة أو حكومة مألوفة. وفي النهاية، بعد وفاة كل من آية الله السيستاني وآية الله خامنئي، سوف نشهد حقبة جديدة في السياسة الدينية الشيعية تتضاعف خلالها السلطات الدينية لكنها ستكون مقيّدة بشكل كبير إلى مجتمعاتها المحلية. (ويجدر بالذكر أن نهاية عهد آية الله السيستاني قد يؤدي أيضاً إلى زيادة التدخل العسكري الإيراني في العراق والمنطقة على نطاق أوسع.)

وعند تقييم القيادة الإيرانية المقبلة يكون المحللون الأمريكيون – والإدارة الأمريكية القادمة – أفضل حالاً إذا لم يركزوا على الميول الشخصية أو الانتماء السياسي. ومن المحتمل أن يحكم الرئيس الإيراني المقبل من  زاوية  تفكير جماعي ومؤتلف نسبياً – وعندما يكون العمل جار لأن يصبح الشخص رئيساً للبلاد من المرجح أن يؤدي ذلك إلى إعادة ضبط مصالحه وتوجهاته. وأحد الاحتمالات هو أن يعمل الرئيس الإيراني المقبل على زيادة ترسيخ سياسة بلاده المتمثلة بتحدي المصالح الغربية على الصعيدين الإقليمي والعالمي، وتكثيف طموحاتها الأيديولوجية. ومن ثم أيضاً، يمكن أن تنحرف القيادة الجديدة عن الطريق الثوري وتتخلص من تطلعات معادية للغرب وتبحث عن رفاهية الإندماج كجهة دولية فاعلة عادية. وفي هذه المرحلة، حيث يتحكم آية الله خامنئي والمتشددين في «مجلس الخبراء» بالوضع بشكل قوي، يبدو أن التغيير الجوهري هو شئ بعيد المنال.

مهدي خلجي

معهد واشنطن