تدخل هذه الايام المواجهات العسكرية بين مقاتلي داعش والقوات الامنية والعسكرية العراقية في مركز مدينة الموصل بساحليها الآيمن والأيسر شهرها الخامس بعد أن أعلن العبادي عن بدايتها في 17 تشرين الأول 2016 اذ شهدت المرحلة الاولى منها مواجهات قوية مع عناصر التنظيم.
ان طبيعة الأحداث وتسارعها في مدينة الموصل تنذر بأزمات سياسية واجتماعية وبيئية تنعكس سلبيا على حياة المواطن في المدينة وحلمه في العيش الكريم واستعادة حريته والبدء بمرحلة جديدة تعيد له الثقة بنفسه وتجعله ينظر بعين التفاؤل للأيام المقبلة، ولكن ما نراه ونلمسه حقيقة قد لا يحدث بسبب العديد من المشاكل والوقائع الميدانية والتصرفات والسلوكات التي بدأت تظهر على طبيعة التعامل اليومي للطرفين (القوات الأمنية وداعش ) والتي أثارت حفيظة الاهالي في المدينة وحركت فيهم تداعيات الخوف والتوجس من الأحداث المقبلة بل جعلتهم يشعرون بخيبة أمل واضحة على كيفية تدارك أوضاعهم في المستقبل القريب وحقيقة الوعود التي تطلق من بغداد عبر الكثير من التصريحات الرسمية والسياسية والعسكرية لقيادات عديدة تمثل المؤسسات الحكومية .
ان طبيعة الأحداث وتسارع الوقائع في التعامل مع معركة الساحل الأيمن المقبلة يمكن ايجازها بالآتي :
1.استخدام عناصر داعش سلاح الطائرات المسيرة في مواجهة القوات الأمنية والعسكرية في منطقة الساحل الأيسر واستهداف الأماكن العامة والتي أصبحت ظاهرة ميدانية وعسكرية تقلق طبيعة الوضع القائم في منطقة الساحل الأيسر؛ فتوجيه هذه الطائرات يوميا أوقع العديد من الخسائر المادية والبشرية في حياة المواطنين وممتلكاتهم وأصاب مواقع وجود القطعات العسكرية .
2.استمرار عملية التسلل باستخدام الزوارق النهرية عبر نهر دجلة الى أهداف عسكرية تحددها عناصر داعش والاشتباك لعدة ساعات مع أفراد من القوات العسكرية الموجودة في الأحياء السكنية القريبة من ضفة نهر دجلة ، ولولا تدخل طائرات التحالف الدولي ومواجهتها وايقافها لعبور مقاتلي داعش لتمكنت القوة المهاجمة من الاستحكام والبقاء في هذه الأحياء لعدة أيام واشاعة الرعب والخوف في نفوس المواطنين والعودة للماضي القريب .
3.استمرار القصف المدفعي المتبادل من قبل القوات العسكرية العراقية ومقاتلي داعش؛ مما يوقع خسائر جسيمة بين المواطنين خاصة أن الأهداف المستهدفة جميعها تقع داخل الأحياء السكنية مما يعيق حركة المواطن اليومية ويقلق حياته ووجوده ويزيد من محنته في مواجهة الأوضاع القائمة في مدينة الموصل .
4.اشتداد الآزمة الاقتصادية وشحة المواد الغذائية وانعدام المستلزمات الطبية وضعف الاجراءات الصحية الوقائية في مناطق الساحل الأيمن حيث بدأ الأهالي يواجهون كارثة اجتماعية تمثلت باحتياج الكثير من العوائل الكريمة المتعففة لمستلزمات ادامة الحياة من غذاء ودواء ومياه صالحة للشرب .
5.ضعف الإجراءات والمستلزمات والخطط الأمنية التي وضعتها القيادات الأمنية بعد اكمال القوات العسكرية مهامها في منطقة الساحل الأيسر، حيث بدأت عمليات السرقة والتعرض للمال العام والخاص والاستحواذ على الكثير من الآليات والمعدات الخاصة بالدوائر الخدمية والمؤسسات الحكومية والسيطرة عليها وتهريبها خارج المدينة من قبل عناصر محسوبة على القوات العسكرية والأمنية دون أي رادع وأصبح المواطن يعاني صعوبة الحفاظ على حياته وممتلكاته ويخشى اشتداد الحال والعودة للماضي .
6.بدأت عمليات استهداف الأماكن العامة ونقاط التفتيش التي وضعتها القيادات الأمنية الميدانية في مركز الساحل الأيسر بواسطة السيارات المفخخة والأحزمة الناسفة ،وهنا يتساءل المواطن أين القوات الأمنية وأجهزتها وكيف وصلت هذه العجلات وتم تفخيخها في مناطق يفترض أنها استكملت السيطرة عليها من الناحية الأمنية والعسكرية .
7.الحدث الأبرز هو المواجهة التي جرت في أطراف قضاء تلعفر التابع لمحافظة نينوى حيث عناصر الحشد الشعبي وقياداته والتي استهدفت بمواجهة كبيرة وشرسة من قبل مقاتلي داعش الذين استخدموا لأول مرة سلاح الدروع ومواجهة أماكن ومقرات الحشد الشعبي بالدبابات والهاونات واستمكنت العديد من أماكنهم وأوقعت خسائر كبيرة بمعداتهم ومقاتليهم ، وهذا شكل انعطافا جديدا في رسم ملامح المعركة المقبلة، وطبيعة وتحديد أساليبها ونوعية الأسلحة المستخدمة فيها، والمفاجآت المحتملة .
وحدة الدراسات العراقية
مركز الروابط للبحوث والدراسات الاستراتيجية